كتاب عالم الجن والشياطينكتب إسلامية

كتاب عالم الجن والشياطين

عالم الجن والشياطين عالم غيبي، لا نراه ولا نسمعه، ومع غيبته عنا إلا أن الكثيرين قد أطلقوا مخيلتهم في رسمه وتصويره، فصوره الأكثر على أنه عالم الرعب والأهوال، وجحده آخرون وأنكروا وجوده، ونحاول في هذا المقال أن نرسم صورته كما صورها وبينها القرآن الكريم والسنة الصحيحة فهما الجديران بذلك، وما عداهما فهو ضرب من الخيال، أو نوع من الكذب، أو تجربة جزئية لا ترقى للحقائق التي يعتمد عليها . معنى الجن والشياطين الجِنُّ: ضد الإنس، والواحد جِنِّيٌّ، سميت بذلك لأنها تتوارى عن الأنظار ولا تُرى. أما الشياطين: فجمع شَيطانُ، وهو كل عاتٍ متمرد سواء من الإنس أو الجن أو الدواب، وعليه فالشياطين ليسوا سوى عتاة الجن ومردتهم . قال ابن عبد البر : " الجن عند أهل الكلام والعلم باللسان منزلون علي مراتب: فإذا ذكروا الجن خالصا قالوا: جني .. فإن أرادوا أنه ممن يسكن مع الناس، قالوا: عامر والجمع عمّار وعوامر.. فإن كان ممن يعرض للصبيان، قالوا: أرواح .. فإن خبث وتعزم فهو شيطان .. فإن زاد على ذلك فهو: مارد .. فإن زاد على ذلك وقوي أمره، قالوا: عفريت، والجمع: عفاريت والله أعلم بالصواب " إثبات وجود الجن : قال شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله -: " لم يخالف أحد من طوائف المسلمين في وجود الجن، ولا في أن الله أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم إليهم.. وهذا لأن وجود الجن تواترت به أخبار الأنبياء تواترا معلوما بالاضطرار، ومعلوم بالاضطرار أنهم أحياء عقلاء فاعلون بالإرادة، بل مأمورون منهيون " . والأدلة على وجود الجن من القرآن كثيرة منها، ولا أدلَّ على ذلك من أن الله سمى سورة كاملة باسمهم "الجن " وقص فيها من أخبارهم وأقوالهم الشيء الكثير، وأما أحاديث السنة الدالة على وجودهم فأكثر من أن تحصر. أصل خلق الجن خلق الله الجن قبل أن يخلق الإنس، والدليل على ذلك قوله تعالى: { وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه }(الكهف:50) فذكر أن إبليس من الجن، وأن خلقهم كان سابقا لخلق آدم عليه السلام، وقال تعالى: { ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون والجان خلقناه من قبل من نار السموم }(الحجر:26-27). أما مادة خلقهم فهي النار، بدليل قوله تعالى: { والجان خلقناه من قبل من نار السموم }(الحجر:27) وسميت نار السموم: لأنها تنفذ في مسام البدن لشدة حرها، وقال تعالى: { وخلق الجان من مارج من نار }(الرحمن:15)، والمارج أخص من مطلق النار لأنه اللهب الذي لا دخان فيه . وفي صحيح مسلم عن عائشة - رضي الله عنها- أن - رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال: ( خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم ). ولا يخفى أن خلق الجان من نار لا يلزم منه أن أشكالهم وهيئاتهم كالنار، فالبشر خلقوا من تراب وليسوا كذلك، ولكن يؤخذ منه أن في الجن صفات من صفات النار كالخفة واللطافة، مثلما للبشر من صفات التراب كالثقل والكثافة. وجنس الجن كجنس الإنس فيهم الذكور والإناث، قال تعالى: { وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً } (الجن: 6) . وفي حديث زيد بن أرقم أن رسول الله - صلى الله علية وسلم - قال: ( إن هذه الحشوش محتضرة، فإذا أتى أحدكم الخلاءَ فليقل: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث ) والخُبُث – بضم الخاء والباء -: ذكور الجن، والخبائث: إناثهم. وقد أثار البعض سؤالاً قديماً وهو أنه: إذا كان الجن قد خلقوا من النار، فكيف يعذبون بها ؟ وأجاب عن ذلك ابن عقيل في كتابه "الفنون" فقال: " اعلم أن الله تعالى أضاف الشياطين والجن إلى النار حسب ما أضاف الإنسان إلى التراب والطين والفخار، والمراد به في حق الإنسان أن أصله الطين، وليس الآدمي طينا حقيقة، ولكنه كان طينا، كذلك الجان كان ناراً في الأصل، بدليل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( عرض لي الشيطان في صلاتي فخنقته حتى وجدت برد لعابه على يدي ) ومن يكون ناراً محرقةً كيف يكون لعابه أو ريقه بارداً أو له ريق أصلا !! ومما يدل على أن الجن ليسوا بباقين على عنصرهم الناري؛ قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي ) وبيان الدلالة منه؛ أنهم لو كانوا باقين على عنصرهم الناري ..؛ لما احتاجوا إلى أن يأتي الشيطان أو العفريت منهم بشعلة من نار، ولكانت يد الشيطان أو العفريت أو شيء من أعضائه إذا مس ابن آدم أحرقه، كما تحرق الآدمي النار الحقيقية بمجرد المس " أ.هـ، وبهذا يعلم أنه كما يتأذى الإنسان من ضربه بالطين والحجر، مع أنه خلق من طين، فإن الجن يتأذون ويحترقون بالنار مع أنهم خلقوا منها. الجن مكلفون قال تعالى: { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون }(الذاريات:56) فدلت الآية على أن الغاية التي لأجلها خلق الجن والإنس هي العبادة، فهم مكلفون بها، وهذا أمر مجمع عليه، فالنبي – صلى الله عليه وسلم – بعث إلى الثقلين الإنس والجن، قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" : " وأما كونهم مكلفين؛ فقال ابن عبد البر : الجن .. مكلفون .. والدليل .. ما في القرآن من ذم الشياطين، والتحرز من شرهم، وما أعدَّ لهم من العذاب، وهذه الخصال لا تكون إلا لمن خالف الأمر، وارتكب النهي، مع تمكنه من أن لا يفعل، والآيات والأخبار الدالة على ذلك كثيرة جدا " من ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( وكان النبي يبعث إلى قومه، وبعثت إلى الإنس والجن ) أخرجه البزار .... قد يظن ظان أن الخوض في مثل هذا الموضوع نوع من الترف العلمي ويحبذ هؤلاء أن يمر الإنسان بهذا الموضوع مروراً عابراً فلا يأخذ من تفكيره إلا القليل , على الرغم من أن البشر اليوم يبذلون في البحث عن معرفة الحياة في الكواكب المنتشرة في الفضاء من المال والجهد الكثير , فما بالكم بعالم من الأحياء يعيشون حولنا في أرضنا ويخالطوننا في مساكننا ويأكلون ويشربون معنا ويحاولوا أن يفسدوا علينا تفكيرنا وديننا وأن يجعلونا نسفك دماء بعضنا البعض كي يجلبوا لنا غضب المولى عز وجل فيحل سخطه علينا ونؤول إلى ما سيؤلوا إليه من العذاب والجحيم . إن عالم الجن والشياطين عالم مثير أخبرنا المولى عز وجل عنه الكثير , ووضح لنا النبي صلى الله عليه وسلم بكلامه الذي لا ينطق عن الهوى حقيقة هذا العالم , وهذا الكتاب ما هو إلا نفحة من نفحات هذين المعنيين , جمع بين طياته كل ما يتعلق بهذا العالم من حقيقة ووهم وخيال.
عمر سليمان عبد الله الأشقر - الشيخ الدكتور عمر بن سليمان بن عبد الله الأشقر أحد علماء الدين السنة شغل سابقا منصب أستاذ في كلية الشريعة في الجامعة الأردنية في عمان الأردن.
من كتب إسلامية متنوعة - مكتبة كتب إسلامية.

وصف الكتاب : عالم الجن والشياطين عالم غيبي، لا نراه ولا نسمعه، ومع غيبته عنا إلا أن الكثيرين قد أطلقوا مخيلتهم في رسمه وتصويره، فصوره الأكثر على أنه عالم الرعب والأهوال، وجحده آخرون وأنكروا وجوده، ونحاول في هذا المقال أن نرسم صورته كما صورها وبينها القرآن الكريم والسنة الصحيحة فهما الجديران بذلك، وما عداهما فهو ضرب من الخيال، أو نوع من الكذب، أو تجربة جزئية لا ترقى للحقائق التي يعتمد عليها .

معنى الجن والشياطين

الجِنُّ: ضد الإنس، والواحد جِنِّيٌّ، سميت بذلك لأنها تتوارى عن الأنظار ولا تُرى.

أما الشياطين: فجمع شَيطانُ، وهو كل عاتٍ متمرد سواء من الإنس أو الجن أو الدواب، وعليه فالشياطين ليسوا سوى عتاة الجن ومردتهم .

قال ابن عبد البر : " الجن عند أهل الكلام والعلم باللسان منزلون علي مراتب: فإذا ذكروا الجن خالصا قالوا: جني .. فإن أرادوا أنه ممن يسكن مع الناس، قالوا: عامر والجمع عمّار وعوامر.. فإن كان ممن يعرض للصبيان، قالوا: أرواح .. فإن خبث وتعزم فهو شيطان .. فإن زاد على ذلك فهو: مارد .. فإن زاد على ذلك وقوي أمره، قالوا: عفريت، والجمع: عفاريت والله أعلم بالصواب "

إثبات وجود الجن :

قال شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله -: " لم يخالف أحد من طوائف المسلمين في وجود الجن، ولا في أن الله أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم إليهم.. وهذا لأن وجود الجن تواترت به أخبار الأنبياء تواترا معلوما بالاضطرار، ومعلوم بالاضطرار أنهم أحياء عقلاء فاعلون بالإرادة، بل مأمورون منهيون " .

والأدلة على وجود الجن من القرآن كثيرة منها، ولا أدلَّ على ذلك من أن الله سمى سورة كاملة باسمهم "الجن " وقص فيها من أخبارهم وأقوالهم الشيء الكثير، وأما أحاديث السنة الدالة على وجودهم فأكثر من أن تحصر.

أصل خلق الجن

خلق الله الجن قبل أن يخلق الإنس، والدليل على ذلك قوله تعالى: { وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه }(الكهف:50)

فذكر أن إبليس من الجن، وأن خلقهم كان سابقا لخلق آدم عليه السلام، وقال تعالى: { ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون والجان خلقناه من قبل من نار السموم }(الحجر:26-27).

أما مادة خلقهم فهي النار، بدليل قوله تعالى: { والجان خلقناه من قبل من نار السموم }(الحجر:27) وسميت نار السموم: لأنها تنفذ في مسام البدن لشدة حرها، وقال تعالى: { وخلق الجان من مارج من نار }(الرحمن:15)، والمارج أخص من مطلق النار لأنه اللهب الذي لا دخان فيه . وفي صحيح مسلم عن عائشة - رضي الله عنها- أن - رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال: ( خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم ).

ولا يخفى أن خلق الجان من نار لا يلزم منه أن أشكالهم وهيئاتهم كالنار، فالبشر خلقوا من تراب وليسوا كذلك، ولكن يؤخذ منه أن في الجن صفات من صفات النار كالخفة واللطافة، مثلما للبشر من صفات التراب كالثقل والكثافة.

وجنس الجن كجنس الإنس فيهم الذكور والإناث، قال تعالى: { وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً } (الجن: 6) . وفي حديث زيد بن أرقم أن رسول الله - صلى الله علية وسلم - قال: ( إن هذه الحشوش محتضرة، فإذا أتى أحدكم الخلاءَ فليقل: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث ) والخُبُث – بضم الخاء والباء -: ذكور الجن، والخبائث: إناثهم.

وقد أثار البعض سؤالاً قديماً وهو أنه: إذا كان الجن قد خلقوا من النار، فكيف يعذبون بها ؟ وأجاب عن ذلك ابن عقيل في كتابه "الفنون" فقال: " اعلم أن الله تعالى أضاف الشياطين والجن إلى النار حسب ما أضاف الإنسان إلى التراب والطين والفخار، والمراد به في حق الإنسان أن أصله الطين، وليس الآدمي طينا حقيقة، ولكنه كان طينا، كذلك الجان كان ناراً في الأصل، بدليل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( عرض لي الشيطان في صلاتي فخنقته حتى وجدت برد لعابه على يدي ) ومن يكون ناراً محرقةً كيف يكون لعابه أو ريقه بارداً أو له ريق أصلا !! ومما يدل على أن الجن ليسوا بباقين على عنصرهم الناري؛ قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي ) وبيان الدلالة منه؛ أنهم لو كانوا باقين على عنصرهم الناري ..؛ لما احتاجوا إلى أن يأتي الشيطان أو العفريت منهم بشعلة من نار، ولكانت يد الشيطان أو العفريت أو شيء من أعضائه إذا مس ابن آدم أحرقه، كما تحرق الآدمي النار الحقيقية بمجرد المس " أ.هـ، وبهذا يعلم أنه كما يتأذى الإنسان من ضربه بالطين والحجر، مع أنه خلق من طين، فإن الجن يتأذون ويحترقون بالنار مع أنهم خلقوا منها.

الجن مكلفون

قال تعالى: { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون }(الذاريات:56) فدلت الآية على أن الغاية التي لأجلها خلق الجن والإنس هي العبادة، فهم مكلفون بها، وهذا أمر مجمع عليه، فالنبي – صلى الله عليه وسلم – بعث إلى الثقلين الإنس والجن، قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" : " وأما كونهم مكلفين؛ فقال ابن عبد البر : الجن .. مكلفون .. والدليل .. ما في القرآن من ذم الشياطين، والتحرز من شرهم، وما أعدَّ لهم من العذاب، وهذه الخصال لا تكون إلا لمن خالف الأمر، وارتكب النهي، مع تمكنه من أن لا يفعل، والآيات والأخبار الدالة على ذلك كثيرة جدا " من ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( وكان النبي يبعث إلى قومه، وبعثت إلى الإنس والجن ) أخرجه البزار ....


قد يظن ظان أن الخوض في مثل هذا الموضوع نوع من الترف العلمي ويحبذ هؤلاء أن يمر الإنسان بهذا الموضوع مروراً عابراً فلا يأخذ من تفكيره إلا القليل , على الرغم من أن البشر اليوم يبذلون في البحث عن معرفة الحياة في الكواكب المنتشرة في الفضاء من المال والجهد الكثير , فما بالكم بعالم من الأحياء يعيشون حولنا في أرضنا ويخالطوننا في مساكننا ويأكلون ويشربون معنا ويحاولوا أن يفسدوا علينا تفكيرنا وديننا وأن يجعلونا نسفك دماء بعضنا البعض كي يجلبوا لنا غضب المولى عز وجل فيحل سخطه علينا ونؤول إلى ما سيؤلوا إليه من العذاب والجحيم .

إن عالم الجن والشياطين عالم مثير أخبرنا المولى عز وجل عنه الكثير , ووضح لنا النبي صلى الله عليه وسلم بكلامه الذي لا ينطق عن الهوى حقيقة هذا العالم , وهذا الكتاب ما هو إلا نفحة من نفحات هذين المعنيين , جمع بين طياته كل ما يتعلق بهذا العالم من حقيقة ووهم وخيال.

للكاتب/المؤلف : عمر سليمان عبد الله الأشقر .
دار النشر : مكتبة الفلاح للنشر والتوزيع .
سنة النشر : 1984م / 1404هـ .
عدد مرات التحميل : 370985 مرّة / مرات.
تم اضافته في : الأحد , 20 مارس 2016م.
حجم الكتاب عند التحميل : 2.6 ميجا بايت .

ولتسجيل ملاحظاتك ورأيك حول الكتاب يمكنك المشاركه في التعليقات من هنا:

عالم الجن والشياطين من التوحيد والعقيدة تحميل مباشر :

عالم الجن والشياطين عالم غيبي، لا نراه ولا نسمعه، ومع غيبته عنا إلا أن الكثيرين قد أطلقوا مخيلتهم في رسمه وتصويره، فصوره الأكثر على أنه عالم الرعب والأهوال، وجحده آخرون وأنكروا وجوده، ونحاول في هذا المقال أن نرسم صورته كما صورها وبينها القرآن الكريم والسنة الصحيحة فهما الجديران بذلك، وما عداهما فهو ضرب من الخيال، أو نوع من الكذب، أو تجربة جزئية لا ترقى للحقائق التي يعتمد عليها .

معنى الجن والشياطين

الجِنُّ: ضد الإنس، والواحد جِنِّيٌّ، سميت بذلك لأنها تتوارى عن الأنظار ولا تُرى.

أما الشياطين: فجمع شَيطانُ، وهو كل عاتٍ متمرد سواء من الإنس أو الجن أو الدواب، وعليه فالشياطين ليسوا سوى عتاة الجن ومردتهم .

قال ابن عبد البر : " الجن عند أهل الكلام والعلم باللسان منزلون علي مراتب: فإذا ذكروا الجن خالصا قالوا: جني .. فإن أرادوا أنه ممن يسكن مع الناس، قالوا: عامر والجمع عمّار وعوامر.. فإن كان ممن يعرض للصبيان، قالوا: أرواح .. فإن خبث وتعزم فهو شيطان .. فإن زاد على ذلك فهو: مارد .. فإن زاد على ذلك وقوي أمره، قالوا: عفريت، والجمع: عفاريت والله أعلم بالصواب "

إثبات وجود الجن :

قال شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله -: " لم يخالف أحد من طوائف المسلمين في وجود الجن، ولا في أن الله أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم إليهم.. وهذا لأن وجود الجن تواترت به أخبار الأنبياء تواترا معلوما بالاضطرار، ومعلوم بالاضطرار أنهم أحياء عقلاء فاعلون بالإرادة، بل مأمورون منهيون " .

والأدلة على وجود الجن من القرآن كثيرة منها، ولا أدلَّ على ذلك من أن الله سمى سورة كاملة باسمهم "الجن " وقص فيها من أخبارهم وأقوالهم الشيء الكثير، وأما أحاديث السنة الدالة على وجودهم فأكثر من أن تحصر.

أصل خلق الجن

خلق الله الجن قبل أن يخلق الإنس، والدليل على ذلك قوله تعالى: { وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه }(الكهف:50)

فذكر أن إبليس من الجن، وأن خلقهم كان سابقا لخلق آدم عليه السلام، وقال تعالى: { ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون والجان خلقناه من قبل من نار السموم }(الحجر:26-27).

أما مادة خلقهم فهي النار، بدليل قوله تعالى: { والجان خلقناه من قبل من نار السموم }(الحجر:27) وسميت نار السموم: لأنها تنفذ في مسام البدن لشدة حرها، وقال تعالى: { وخلق الجان من مارج من نار }(الرحمن:15)، والمارج أخص من مطلق النار لأنه اللهب الذي لا دخان فيه . وفي صحيح مسلم عن عائشة - رضي الله عنها- أن - رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال: ( خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم ).

ولا يخفى أن خلق الجان من نار لا يلزم منه أن أشكالهم وهيئاتهم كالنار، فالبشر خلقوا من تراب وليسوا كذلك، ولكن يؤخذ منه أن في الجن صفات من صفات النار كالخفة واللطافة، مثلما للبشر من صفات التراب كالثقل والكثافة.

وجنس الجن كجنس الإنس فيهم الذكور والإناث، قال تعالى: { وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً } (الجن: 6) . وفي حديث زيد بن أرقم أن رسول الله - صلى الله علية وسلم - قال: ( إن هذه الحشوش محتضرة، فإذا أتى أحدكم الخلاءَ فليقل: اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث ) والخُبُث – بضم الخاء والباء -: ذكور الجن، والخبائث: إناثهم.

وقد أثار البعض سؤالاً قديماً وهو أنه: إذا كان الجن قد خلقوا من النار، فكيف يعذبون بها ؟ وأجاب عن ذلك ابن عقيل في كتابه "الفنون" فقال: " اعلم أن الله تعالى أضاف الشياطين والجن إلى النار حسب ما أضاف الإنسان إلى التراب والطين والفخار، والمراد به في حق الإنسان أن أصله الطين، وليس الآدمي طينا حقيقة، ولكنه كان طينا، كذلك الجان كان ناراً في الأصل، بدليل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( عرض لي الشيطان في صلاتي فخنقته حتى وجدت برد لعابه على يدي ) ومن يكون ناراً محرقةً كيف يكون لعابه أو ريقه بارداً أو له ريق أصلا !! ومما يدل على أن الجن ليسوا بباقين على عنصرهم الناري؛ قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي ) وبيان الدلالة منه؛ أنهم لو كانوا باقين على عنصرهم الناري ..؛ لما احتاجوا إلى أن يأتي الشيطان أو العفريت منهم بشعلة من نار، ولكانت يد الشيطان أو العفريت أو شيء من أعضائه إذا مس ابن آدم أحرقه، كما تحرق الآدمي النار الحقيقية بمجرد المس " أ.هـ، وبهذا يعلم أنه كما يتأذى الإنسان من ضربه بالطين والحجر، مع أنه خلق من طين، فإن الجن يتأذون ويحترقون بالنار مع أنهم خلقوا منها.

الجن مكلفون

قال تعالى: { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون }(الذاريات:56) فدلت الآية على أن الغاية التي لأجلها خلق الجن والإنس هي العبادة، فهم مكلفون بها، وهذا أمر مجمع عليه، فالنبي – صلى الله عليه وسلم – بعث إلى الثقلين الإنس والجن، قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" : " وأما كونهم مكلفين؛ فقال ابن عبد البر : الجن .. مكلفون .. والدليل .. ما في القرآن من ذم الشياطين، والتحرز من شرهم، وما أعدَّ لهم من العذاب، وهذه الخصال لا تكون إلا لمن خالف الأمر، وارتكب النهي، مع تمكنه من أن لا يفعل، والآيات والأخبار الدالة على ذلك كثيرة جدا " من ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( وكان النبي يبعث إلى قومه، وبعثت إلى الإنس والجن ) أخرجه البزار ....


قد يظن ظان أن الخوض في مثل هذا الموضوع نوع من الترف العلمي ويحبذ هؤلاء أن يمر الإنسان بهذا الموضوع مروراً عابراً فلا يأخذ من تفكيره إلا القليل , على الرغم من أن البشر اليوم يبذلون في البحث عن معرفة الحياة في الكواكب المنتشرة في الفضاء من المال والجهد الكثير , فما بالكم بعالم من الأحياء يعيشون حولنا في أرضنا ويخالطوننا في مساكننا ويأكلون ويشربون معنا ويحاولوا أن يفسدوا علينا تفكيرنا وديننا وأن يجعلونا نسفك دماء بعضنا البعض كي يجلبوا لنا غضب المولى عز وجل فيحل سخطه علينا ونؤول إلى ما سيؤلوا إليه من العذاب والجحيم . 

إن عالم الجن والشياطين عالم مثير أخبرنا المولى عز وجل عنه الكثير , ووضح لنا النبي صلى الله عليه وسلم بكلامه الذي لا ينطق عن الهوى حقيقة هذا العالم , وهذا الكتاب ما هو إلا نفحة من نفحات هذين المعنيين , جمع بين طياته كل ما يتعلق بهذا العالم من حقيقة ووهم وخيال. 

المقدمة 5 
الفصل الأول : تعريف وبيان 9 
ما الجن 11 
أصلهم 11 
متى خلقوا    11 
أسماء الجن 12 
أصنافهم 12 
لا مجال للتكذيب بعالم الجن 12 
عدم العلم ليس دليلا 13 
الأدلة    14 
1التواتر    14 
2النصوص القرآنية والحديثي    14 
3المشاهدة والرؤية    15 
4أصلهم الذي خلقوا منه    15 
حيوانات ترى الجن 16 
الشيطان والجان 16 
الشيطان مخلوق 17 
أصله 17 
الشيطان أصل الجن أم واحد منهم 18 
طعام الجن وشرابهم 18 
زواج الجن وتكاثرهم 20 
زواج الإنس من الجن 21 
هل تموت الجن والشياطين 22 
مساكنهم    22 
مجالسهم    23 
دوابهم 23 
حيوانات تصاحبها الشاطين 23 
قبح صورة الشيطان 24 
الشيطان له قرون 24 
قدراتهم 25 
سرعة الحركة والانتقال    25 
سبقهم الإنسان في مجالات الفضاء    25 
خرافة جاهلية    26 
علمهم بالاعمار والتصنيع 27 
قدرتهم على التشكل 27 
جنان البيوت    29 
جريان الشيطان من الإنسان مجرى الدم    31 
ضعفهم وعجزهم 31 
لا سلطان لهم على عباد الله الصالحين 31 
قد يسلطون على العباد بسبب ذنوبهم    33 
خوف الشيطان وهربه من بعض عباد الله    34 
تسخير الجن لسليمان 35 
كذب اليهود على سليمان    36 
عجزهم عن الإتيان بالمعجزات    37 
لايتمثلون بالرسول صلى الله عليه وسلم في الرؤيا    37 
لهم حدود معينة في الفضاء    38 
لا يستطيعون فتح باب أغلق أو ذكر عليه اسم الله 38 
الفصل الثاني : الجن مكلفون 39 
الغاية من خلقهم 41 
تكليفهم بحسبهم 42 
شبهة وجوابها 42 
لا نسب بين الجن ورب العزة    42 
كيف يبلغون الوحي    43 
عموم رسالة محمد صلى الله عليه وسلم الجن 44 
وفود الجن 45 
دعوتهم للإنس 47 
أمرهم بالخير وشهادتهم للمسلم    47 
مراتبهم في الصلاح والفساد    48 
طبيعة الشيطان 48 
هل يسلم الشيطان 49 
الفصل الثالث : العداء بين الإنسان والشيطان    51 
اسباب العداء وتاريخه 53 
تحذير الله لنا من الشيطان 54 
أهداف الشيطان    55 
الهدف البعيد 55 
الأهداف القريبة    55 
1ايقاع العباد في الشرك والكفر    55 
2ايقاعهم في الذنوب    55 
3صد العباد عن طاعة الله 56 
4افساد الطاعات 57 
كل مخالفة للشيطان طاعة للرحمن    58 
5الايذاء النفسي    59 
أ- مهاجمة الشيطان للرسول عليه السلام    59 
ب- الحلم من الشيطان    59 
ج- احراق المنازل بالنار    59 
د- تخبط الشيطان للإنسان عند الموت    60 
هـ- ايذاؤه الوليد حين يولد    60 
و- مرض الطاعون من الجن 60 
ز- أمراض اخرى 61 
ح- مشاركة بين الإنسان في الطعام والشراب والمسكن    61 
ط- مس الشيطان للإنسان ( الصرع )    62 
قائد المعركة    63 
جنوده من الجن 64 
لكل إنسان قرين 65 
أولياؤه من الإنس 65 
كيده وخذلانه لأوليائه    66 
تجنيده أولياءه لحرب المؤمنين    67 
أساليب الشيطان في إضلال الإنسان 67 
1تزيين الباطل 68 
تسمية الأمور المحرمة بأسماء محبية    70 
2الافراط والتفريط    70 
3تثبيط العباد عن العمل ورميهم بالتسويف    71 
4الوعد والتمنية    73 
5اظهار النصح للإنسان    73 
6التدرج في الإضلال    77 
7انساؤه العبد ما فيه صلاحه    77 
8تخويف المؤمنين أولياءه    78 
9دخوله إلى النفس من الباب الذي تحبه    78 
10القاء الشبهات    79 
حبائل الشيطان    81 
14-11الخمر والميسر والأنصاب والأزلام    81 
15السحر    83 
16ضعف الإنسان    85 
17النساء وحب الدنيا 86 
18الغناء والموسيقي    87 
تهاون المسلمين في تحقيق ما أمروا به كيف يصل الشيطان إلى نفس الإنسان ( الوسوسة )    88 
الفصل الرابع 91 
تمثل الشياطين    93 
الذين تخدمهم الشياطين يتقربون إليها بالمعاصي    96 
رجال الغيب    97 
حكم استخدام الجن    99 
تحضير الأرواح    100 
تتجربة معاصر في استحضار الأرواح    102 
خطر هذه الدعوات    109 
هل يكمن استضار الاراح    111 
شيهة وجوابها    112 
قصة الذي تخلت عنه شياطينه    113 
الجن وعلم الغيب    118 
العرافون والكهان    118 
المنجمون    120 
الكهنة رسل الشيطان 121 
واجب الأمة نحو هؤلاء    121 
الجن والأطباق الطائرة    122 
الفصل الخامس : أسلحة المؤمن في حربه مع الشيطان 125 
1الحذر والحيطة    127 
2الالتزام بالكتاب والسنة    128 
3الالتجاءإلى الله 129 
4الاشتغال بذكر الله    135 
5لزوم جماعة المسلمين    143 
6كشف مخططات الشيطان    144 
7مخالفة الشياطين 145 
مراكب الشياطين وبيوت الشياطين    146 
العجلة من الشيطان 147 
8التوبة والاستغفار    147 
9ازالة اللبس والغموض    148 
علاج الصرع    149 
حقيقة الصراع بين الشيطان والإنسان    156 
الفصل السادس : الحكمة من خلق الشيطان    167
 



نوع الكتاب : pdf.
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل عالم الجن والشياطين
عمر سليمان عبد الله الأشقر
عمر سليمان عبد الله الأشقر
Omar Suleiman Abdullah Al Ashqar
الشيخ الدكتور عمر بن سليمان بن عبد الله الأشقر أحد علماء الدين السنة شغل سابقا منصب أستاذ في كلية الشريعة في الجامعة الأردنية في عمان الأردن..



كتب اخرى في كتب إسلامية متنوعة

تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد (ط. المكتب الإسلامي) PDF

قراءة و تحميل كتاب تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد (ط. المكتب الإسلامي) PDF مجانا

تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد (ط. المعارف) PDF

قراءة و تحميل كتاب تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد (ط. المعارف) PDF مجانا

العلم لابن خثيمة PDF

قراءة و تحميل كتاب العلم لابن خثيمة PDF مجانا

الصراط المستقيم رسالة فيما قرره الثقات الأثبات في ليلة النصف من شعبان (ت: الألباني) PDF

قراءة و تحميل كتاب الصراط المستقيم رسالة فيما قرره الثقات الأثبات في ليلة النصف من شعبان (ت: الألباني) PDF مجانا

سلسلة العقيدة في ضوء الكتاب والسنة (الرسل والرسالات) PDF

قراءة و تحميل كتاب سلسلة العقيدة في ضوء الكتاب والسنة (الرسل والرسالات) PDF مجانا

اليوم الآخر (القيامة الصغرى) PDF

قراءة و تحميل كتاب اليوم الآخر (القيامة الصغرى) PDF مجانا

القضاء والقدر للأشقر PDF

قراءة و تحميل كتاب القضاء والقدر للأشقر PDF مجانا

يقظة أولي الإعتبار مما ورد في ذكر النار وأصحاب النار (ت: عبد العظيم) PDF

قراءة و تحميل كتاب يقظة أولي الإعتبار مما ورد في ذكر النار وأصحاب النار (ت: عبد العظيم) PDF مجانا

المزيد من كتب علوم القرآن في مكتبة كتب علوم القرآن , المزيد من كتب إسلامية متنوعة في مكتبة كتب إسلامية متنوعة , المزيد من إسلامية متنوعة في مكتبة إسلامية متنوعة , المزيد من كتب الفقه العام في مكتبة كتب الفقه العام , المزيد من كتب التوحيد والعقيدة في مكتبة كتب التوحيد والعقيدة , المزيد من مؤلفات حول الحديث النبوي الشريف في مكتبة مؤلفات حول الحديث النبوي الشريف , المزيد من كتب أصول الفقه وقواعده في مكتبة كتب أصول الفقه وقواعده , المزيد من التراجم والأعلام في مكتبة التراجم والأعلام , المزيد من السنة النبوية الشريفة في مكتبة السنة النبوية الشريفة
عرض كل كتب إسلامية ..
اقرأ المزيد في مكتبة كتب إسلامية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تقنية المعلومات , اقرأ المزيد في مكتبة المناهج التعليمية والكتب الدراسية , اقرأ المزيد في مكتبة القصص والروايات والمجلّات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الهندسة والتكنولوجيا , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب والموسوعات العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تعلم اللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التنمية البشرية , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب التعليمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التاريخ , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأطفال قصص ومجلات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الطب , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب العلمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم سياسية وقانونية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأدب , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الروايات الأجنبية والعالمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب اللياقة البدنية والصحة العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأسرة والتربية الطبخ والديكور , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب الغير مصنّفة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب المعاجم واللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم عسكرية و قانون دولي
جميع مكتبات الكتب ..