علوم القرآن
الطَّبَرِيّ شَيْخ الدِّينِ فَجَاءَ فِيهِ بِالْعَجَبِ الْعُجَابِ، وَنَثَرَ فِيهِ أَلْبَابَ الْأَلْبَابِ، وَفَتَحَ فِيهِ لِكُلِّ مَنْ جَاءَ بَعْدَهُ إلَى مَعَارِفِهِ الْبَابَ؛ فَكُلُّ أَحَدٍ غَرَفَ مِنْهُ عَلَى قَدْرِ إنَائِهِ، وَمَا نَقَصَتْ قَطْرَةٌ مِنْ مَائِهِ، وَأَعْظَمُ مَنْ انْتَقَى مِنْهُ الْأَحْكَامَ بَصِيرَةً: الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ، فَاسْتَخْرَجَ دُرَرَهَا، وَاسْتَحْلَبَ دِرَرَهَا، وَإِنْ كَانَ قَدْ غَيَّرَ أَسَانِيدَهَا لَقَدْ رَبَطَ مَعَاقِدَهَا، وَلَمْ يَأْتِ بَعْدَهُمَا مَنْ يَلْحَقُ بِهِمَا.
وَلَمَّا مَنَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِالِاسْتِبْصَارِ فِي اسْتِثَارَةِ الْعُلُومِ مِنْ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ حَسْبَ مَا مَهَّدَتْهُ لَنَا الْمَشْيَخَةُ الَّذِينَ لَقِينَا، نَظَرْنَاهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَطْرَحِ، ثُمَّ عَرَضْنَاهَا عَلَى مَا جَلَبَهُ الْعُلَمَاءُ، وَسَبَرْنَاهَا بِعِيَارِ الْأَشْيَاخِ.
فَمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ النَّظَرُ أَثْبَتْنَاهُ، وَمَا تَعَارَضَ فِيهِ شَجَرْنَاهُ، وَشَحَذْنَاهُ حَتَّى خَلُصَ نُضَارُهُ وَوَرِقَ عِرَارُهُ.
فَنَذْكُرُ الْآيَةَ، ثُمَّ نَعْطِفُ عَلَى كَلِمَاتِهَا بَلْ حُرُوفِهَا، فَنَأْخُذُ بِمَعْرِفَتِهَا مُفْرَدَةً، ثُمَّ نُرَكِّبُهَا عَلَى أَخَوَاتِهَا مُضَافَةً، وَنَحْفَظُ فِي ذَلِكَ قِسْمَ الْبَلَاغَةِ، وَنَتَحَرَّزُ عَنْ الْمُنَاقَضَةِ فِي الْأَحْكَامِ وَالْمُعَارَضَةِ، وَنَحْتَاطُ عَلَى جَانِبِ اللُّغَةِ، وَنُقَابِلُهَا فِي الْقُرْآنِ بِمَا جَاءَ فِي السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ، وَنَتَحَرَّى وَجْهَ الْجَمِيعِ؛ إذْ الْكُلُّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَإِنَّمَا بُعِثَ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ، وَنُعَقِّبُ عَلَى ذَلِكَ بِتَوَابِعَ لَا بُدَّ مِنْ تَحْصِيلِ الْعِلْمِ بِهَا مِنْهَا، حِرْصًا عَلَى أَنْ يَأْتِيَ الْقَوْلُ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ، إلَّا أَنْ يَخْرُجَ عَنْ الْبَابِ فَنُحِيلَ عَلَيْهِ فِي مَوْضُوعِهِ مُجَانِبِينَ لِلتَّقْصِيرِ وَالْإِكْثَارِ، وَبِمَشِيئَةِ اللَّهِ نَسْتَهْدِي، فَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي لَا رَبَّ غَيْرُهُ.
عنوان الكتاب: أحكام القرآن (ابن العربي) سبأ - الناس من علوم القرآن
المؤلف: أبو بكر بن العربي المالكي
المحقق: محمد عبد القادر عطا
الناشر: دار الكتب العلمية
قال تعالي :
بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ
يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ
لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ
وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ
وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ
أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَم بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ
أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِّنَ السَّمَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ
وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ
أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ
يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ
فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ
لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ
فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ
ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلاَّ الْكَفُورَ
قراءة و تحميل كتاب أحكام القرآن (ابن العربي) القسم الأول: الفاتحة - النسآء PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب مختصر التبيين لهجاء التنزيل (ط. مجمع الملك فهد) المجلدات من 2 إلى 5 PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب بلاغة السرد القصصي في القران الكريم PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب أحكام القرآن (الكيا الهراسي) الجزءان الثالث والرابع : المائدة - الفلق PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم PDF مجانا