كتاب الجريمة المنظمة وسياسة المكافحة في التشريع الإسلامي والقانون الجنائيكتب إسلامية

كتاب الجريمة المنظمة وسياسة المكافحة في التشريع الإسلامي والقانون الجنائي

الجريمة المنظمة وسياسة المكافحة في التشريع الإسلامي والقانون الجنائي الجريمة المنظمة وسياسة المكافحة في التشريع الاسلامي والقانون الجنائي داسة مقارنة بين أساليب الوقاية والمكافحة في التشريع الجنائي الاسلامي والأنظمة الجنائية المعاصرة لجريمة تهريب المخدرات المؤلف : محمد بن مسفر بن عبدالخالق الشمراني مشرف : المالكي، عبدالحفيظ بن عبدالله بحث الأول: الإسلام والجريمة. وقد تناولت فيه المنهج الإسلامى وحرصه على مكافحة الجريمة، والحكمة من أهداف وتشريع الحدود فى الإسلام، ودور الحدود الشرعيَّة فى القضاء على الجريمة، ثُمَّ وضَّح البحث خطورة تعطيل الحدود الشرعِيَّة فى انتشار الجرائم والمعاصى. المبحث الثانى: الجرائم وعقوبتها الإسلاميَّة: وقد تناولت فيه العقوبة الإسلاميَّة لكل جريمة من الجرائم السبعة: "الردة، القتل، السرقة، القذف، الزنا، الحرابة، الخمر" وتناولت الحكمة من تشريع كل عقوبة إسلاميَّة لكل جريمةٍ من هذه الجرائم، ثم جاءت بعد ذلك توصيَّات البحث، ثمَّ ثبت بالمصادر والمراجع التى استعنت بها، مرتَّبة ترتيباً هجائيَّاً (ألف بائى). وبعد؛ فهذا نهاية جُهدى، فإن أصبتُ فذلك توفيقٌ من الله، وإن تعثَّرتُ فذاك من نفسى، وحسبى أنَّنى حاولتُ واجتهدتُ، وما توفيقى إلاَّ بالله عليهِ توكَّلْتُ وإليْهِ أُنيبُ، ربَّنا لاتُؤاخِذنا إنْ نسينا أو أخْطَأْنا ، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلِّى اللهُمَّ على سيدنا محمد وعلى آلِهِ وأصحابِهِ، ومن اهتدى بهديِهِ وسار على نهجِهِ إلى يومِ الدين. والله أسأل التوفيق، وهو حسبى ونعمَ الوكيل المَبْحَثُ الأَوَّلُ الإِسْلامُ وَالجَرِيمَة: المَنْهَجُ الإِسْلامِى لِمُكَافَحَةِ الجَرِيمَةِ يحاربُ الإسلامُ الجرائم؛ لأنَّهُ يفترض أنَّ الإنسانَ يجب أن يعيش من طريق شريف، وأن يحيا على ثمرات كفاحه وجهده الخاص، أى أنَّهُ لا يبنى كيانه على الجريمة[1]، والإسلام لا يعتبر أى فعلٍ من الأفعال جريمة إِلاَّ مافيه ضرر محقق للفرد والجماعة، ويظهر هذا الضرر فيما يمس الدين، أو العرض، أو النفس، أو النسل، أو المال، وما يترتَّبُ على ذلك من فسادٍ وإخلالٍ فى المجتمع[2]. والإسلامُ يستهدفُ حمايةَ أعراضِ النَّاس، والمحافظة على سمعتهم، وصيانة كرامتهم، ويظلُّ الإسلامُ دائِماً أبداً وفيَّاً لمبدئِهِ القاضى بتنظيفِ البيئة وقاية من الفتنة والجريمة، وابتغاء صياغة مجتمع بلا مشاكل، وفى سبيل ذلك تتبَّع الإسلامُ أسباب الفتنة فحذَّر منها[3]. وقد تميز الإسلام بمنهجه الفريد في مكافحة الجريمة واستئصالها من جذورها من خلال خطين متلازمين ومتوازيين، وهما: 1- الجانب الوقائي. 2- الجانب العلاجي. أَمَّا الجَانِبُ الوِقَائِي: فإِنَّ الإسلام لاينتظر وقوع الجريمة حتى يتصدى لها، وإنما يتخذ لها كل الإجراءات والتدابير، وما من شأنه الحيلولة دون وقوع الجريمة. وَأَمَّا الجَانِبُ العِلاجِي: فهو لايكون إلاَّ فى نهاية الأمر، والحق أن الإيمان والعبادات والأخلاق في الإسلام تمثل المنطلقات الأساسية في صياغة الإنسان المسلم الصالح الطاهر العفيف في بناء الحياة والحضارة الراشدة، فالمؤمن لا يسرق ولا يكذب ولا يشرب الخمر؛ لأَنَّ إيمانَهُ يردعه ويصده عن فعل المحرمات. وكذلك الطاعة والعبادة التي يقوم المسلم بأدائها، تَصُدُّهُ عن الوقوع في الإثم والمعصية، يقول الله تعالى: ﴿ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ ﴾[4]، ويقول الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾[5]، وصاحب الخلق الحميد تمنعه أخلاقه من اقتراف المعاصي والآثام. وإِذا تبيَّن أنَّ الإنسان أصبح مصدر عدوان على البيئة التى كفلته وآوته، وأنَّهُ قابل عطفها وعنايتها بتعكير صفوها، وإقلاق أمنها، فلا ملام على هذه البيئة إذا حدَّت من عدوان أحد أفرادها، فكسرت السلاح الَّذى يؤذى به غيره[6]؛ لأنَّ الإسلام يسعى الى بناء العقيدة في النفوس وغرس الأخلاق الفاضلة، ويعتمد الإسلام على المجتمع في الوقوف أمام كل أشكال الجريمة والانحراف ومحاربتها والحيلولة دون وقوعها أو تمادي أصحابها، وذلك بإنكار المنكر والفساد، ومقاطعة أهل الجريمة والعدوان. وقد احترم الإسلامُ حقَّ الملكيَّة، واعتبره حقَّاً مقدَّساً، لا يحلُّ لأحدٍ أن يعتدى عليه بأىِّ وجهٍ من الوجوه، ولهذا حرَّم الإسلامُ السرقة، والغصب، والربا، والغش، وتطفيف الكيل والوزن، واعتبر كل مال أُخِذَ بغيرِ سبب مشروع فهو أكلٌ للمالِ بالباطل[7]. فالإسلام يوفر العيش الكريم والعمل الشريف ويرعى الفقراء والمساكين قبل أن يقيم حد السرقة أو يقطع الأيدي، كما يأمر بغض البصر، وينهى عن الخلوة بالأجنية، وعدم الاختلاط، ويمنع كل صور العري والعلاقات المشبوهة، ويأمر بالحجاب والسترة، ويسهل سبل الزواج قبل إقامة حد الزنى من خلال التشريعات الإسلاميَّة للجريمة. ومن أهم ملامح الجانب الوقائي إصلاح الجاني، وفتح أبواب التوبة أمامه على مصراعيها، وعدم تيئيسه من رحمة الله، وحثه على الإقلاع والندم، وعدم التمادي في الباطل، وبديهى أنَّ الإسلام يكره الجريمة، ويتوعَّدُ عليها بالنكال فى الدنيا والآخرة، ويتهدَّدُ أقواماً يرتكبونها سِرَّاً ثُمَّ يبرزون للنَّاسِ، وكأنَّهم أطهارٌ شرفاءٌ[8]، يقول الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانَاً أَثِيمَاً يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُون مِنَ اللهِ ﴾[9]. إن التربية الإسلامية المستمرة بالحكمة والموعظة الحسنة ثم التوعية المستمرة بالجريمة وأخطارها من كافة الجهات المعنية، وأيضاً سد الأبواب والمنافذ التي تؤدي إلى اقتراف الجريمة، ثم إقامة العقوبة الشرعيَّة الرادعة، كل هذه الخطوات تؤدِّي الى مكافحة الجريمة وتنقية المجتمع من أخطارها، وبذلك فقد تكفَّلت التشريعات الجنائيَّة الإسلاميَّة على عاتقها عبء مكافحة الجريمة والتصدي لها؛ حماية للمجتمع من أن يقع فريسة لها بمختلف أنواعها. وهناك حقَّان متميِّزان ترعاهما الشَّريعةُ الإسلاميَّة هما: • حقُّ المخطئ فى فرصةٍ يتوب فيها، ويستأنف مسلكاً أنظف. • وحقُّ المجتمع فى صيانة كيانه من نزوات العميان، وتخبُّطه الَّذى يصيب الأبرياء والغافلين. والإسلام يرعى الحقَّين كليهما، فأمَّا حق المخطئ فى التوبة، فليس فى الأرض دين يُيَسِّرُ المتابَ للخاطئين، ويدفعهم إليه دفعاً كدين الإسلام، ولكن ما العمل إذا تحوَّل امرؤٌ إلى كلبٍ مسعور، فأصبح تركه حُرَّاً لا يزيده إِلاَّ ضَراوةً، ولا يَزيدُ المجتمع به إِلاَّ شَقاوةً، إِنَّ عقاب مثل هذا لا مناص منه[10]. حِرْصُ الإِسْلامِ عَلَى مُكَافَحَةِ الجَرِيمَةِ: إِنَّ الجريمة سلوك شاذ، يهدد أمن الأفراد، واستقرار المجتمعات، ويقوض أركان الدول والبلاد، وأحكام الشريعة الإسلامية الغراء بعدلها القويم، ومبادئها الشاملة تدور حول صيانة الضرورات الأساسيَّة التى لا يستطيع الإنسان أن يستغنى عنها، ويعيش بدونها، وقد وضعت الشريعة الإسلاميَّة فى سبيل المحافظة على هذه الكليات عقوبات زاجرة وأليمة لكل من يتعدَّى عليها، وينتهك حرمتها[11]. والإسلام باعتباره دين صلاح وإصلاح قد تصدى للظاهرة الإجراميَّة، وحرص الإسلام على الوقاية من الجريمة، وحاربها بطرق متعددة، وعلى مستويات مختلفة، وفاق بذلك كل النظم الوضعيَّة في الحد والإقلال من الجريمة، وإحدى الطرق التي اتَّبعها الإسلامُ في ذلك هي وضعه لنظام العقوبة. وَالعُقُوبَاتُ الشَّرْعِيَّةُ: هى عقوبات رادعة، وهى خير من أن يودع هؤلاء المجرمون في السجون؛ للتعوُّد على الجريمة والازدياد من الخبرة فيها، ولينفق عليهم من النفقات الطائلة، ويقام عليهم الحراس الذين يأخذون الرواتب الباهظة، دون أن يرتدعوا ودون أن يتعلموا ويتعلم من سواهم ضرر جريمتهم، وهذه العقوبات تعرف باسم "الحدود" و"التعزيزات"، وهذه الحدود تمنع الجرائم، وتردع المجرمين عن اقترافِ الجرائم. الحِكْمَةُ مِنْ تَشْرِيعِ الحُدُودِ فِى الإِسْلامِ: ليس المراد بالحدود التشفى، وإيقاع الناس فى الحرج، وتعذيبهم بقطع أعضائهم، أو قتلهم، أو رجمهم، وإنما المراد هو أن تسود الفضيلة وتُمنعُ الجريمة، ويعيش الناس فى استقرارٍ وهدوءٍ وأمن، ومن هنا نجد أنَّ الشرع ييسر فى هذه الحدود، فإذا اشتدت الظروف فى حالاتِ الجوع والخوف والحاجة تُعطل الحدود، كما فعل سيدنا عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ فى عام الرمادة. ومن التيسير أيضًا أن الإسلام يأمر بالستر قبل الوصول إلى الحاكم فقد رُوْىَ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجلٍ يشهد على الزنا: "لو سترته بثوبك كان خيرًا لك"[12]. وَالحِكْمَةُ مِنْ تَشْرِيعِ الحُدُودِ فِى الإِسْلامِ تتمثل في: • منع الناس من اقتراف الجرائم. • زجرهم عن المخالفات. • إبعادهم عن الإفساد في الأرض. • حملهم على فعل ما فيه الصلاح. فالحدود فى الإسلام إنما هى زواجر تمنع الإنسان المذنب أن يعود إلى هذه الجريمة مرة أخرى، وهى كذلك تزجر غيره عن التفكير فى مثل هذه الفعلة وتمنع من يفكر فى الجريمة من ارتكابها، وهى أيضًا نكال "مانع" من وقوع الجريمة على مستوى الفرد، وعلى مستوى الجماعة، "والعقوبات على الجرائم إنما جعلت زاجرة ومكفرة، فإنَّها زاجرة عن أن ترتكب المعاصى، وإذا نفذت فى الجانى إنما كفرت عنه ذنبه الذى اقترفه، فلا يعاقب عليه فى الآخرة"[13].
-
من قوانين الشريعة الاسلامية كتب السياسة الشرعية - مكتبة كتب إسلامية.

وصف الكتاب : الجريمة المنظمة وسياسة المكافحة في التشريع الإسلامي والقانون الجنائي

الجريمة المنظمة وسياسة المكافحة في التشريع الاسلامي والقانون الجنائي داسة مقارنة بين أساليب الوقاية والمكافحة في التشريع الجنائي الاسلامي والأنظمة الجنائية المعاصرة لجريمة تهريب المخدرات

المؤلف : محمد بن مسفر بن عبدالخالق الشمراني

مشرف : المالكي، عبدالحفيظ بن عبدالله


بحث الأول: الإسلام والجريمة.

وقد تناولت فيه المنهج الإسلامى وحرصه على مكافحة الجريمة، والحكمة من أهداف وتشريع الحدود فى الإسلام، ودور الحدود الشرعيَّة فى القضاء على الجريمة، ثُمَّ وضَّح البحث خطورة تعطيل الحدود الشرعِيَّة فى انتشار الجرائم والمعاصى.



المبحث الثانى: الجرائم وعقوبتها الإسلاميَّة:

وقد تناولت فيه العقوبة الإسلاميَّة لكل جريمة من الجرائم السبعة: "الردة، القتل، السرقة، القذف، الزنا، الحرابة، الخمر" وتناولت الحكمة من تشريع كل عقوبة إسلاميَّة لكل جريمةٍ من هذه الجرائم، ثم جاءت بعد ذلك توصيَّات البحث، ثمَّ ثبت بالمصادر والمراجع التى استعنت بها، مرتَّبة ترتيباً هجائيَّاً (ألف بائى).



وبعد؛ فهذا نهاية جُهدى، فإن أصبتُ فذلك توفيقٌ من الله، وإن تعثَّرتُ فذاك من نفسى، وحسبى أنَّنى حاولتُ واجتهدتُ، وما توفيقى إلاَّ بالله عليهِ توكَّلْتُ وإليْهِ أُنيبُ، ربَّنا لاتُؤاخِذنا إنْ نسينا أو أخْطَأْنا ، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلِّى اللهُمَّ على سيدنا محمد وعلى آلِهِ وأصحابِهِ، ومن اهتدى بهديِهِ وسار على نهجِهِ إلى يومِ الدين.



والله أسأل التوفيق، وهو حسبى ونعمَ الوكيل



المَبْحَثُ الأَوَّلُ

الإِسْلامُ وَالجَرِيمَة: المَنْهَجُ الإِسْلامِى لِمُكَافَحَةِ الجَرِيمَةِ

يحاربُ الإسلامُ الجرائم؛ لأنَّهُ يفترض أنَّ الإنسانَ يجب أن يعيش من طريق شريف، وأن يحيا على ثمرات كفاحه وجهده الخاص، أى أنَّهُ لا يبنى كيانه على الجريمة[1]، والإسلام لا يعتبر أى فعلٍ من الأفعال جريمة إِلاَّ مافيه ضرر محقق للفرد والجماعة، ويظهر هذا الضرر فيما يمس الدين، أو العرض، أو النفس، أو النسل، أو المال، وما يترتَّبُ على ذلك من فسادٍ وإخلالٍ فى المجتمع[2].



والإسلامُ يستهدفُ حمايةَ أعراضِ النَّاس، والمحافظة على سمعتهم، وصيانة كرامتهم، ويظلُّ الإسلامُ دائِماً أبداً وفيَّاً لمبدئِهِ القاضى بتنظيفِ البيئة وقاية من الفتنة والجريمة، وابتغاء صياغة مجتمع بلا مشاكل، وفى سبيل ذلك تتبَّع الإسلامُ أسباب الفتنة فحذَّر منها[3].



وقد تميز الإسلام بمنهجه الفريد في مكافحة الجريمة واستئصالها من جذورها من خلال خطين متلازمين ومتوازيين، وهما:

1- الجانب الوقائي.

2- الجانب العلاجي.



أَمَّا الجَانِبُ الوِقَائِي:

فإِنَّ الإسلام لاينتظر وقوع الجريمة حتى يتصدى لها، وإنما يتخذ لها كل الإجراءات والتدابير، وما من شأنه الحيلولة دون وقوع الجريمة.



وَأَمَّا الجَانِبُ العِلاجِي:

فهو لايكون إلاَّ فى نهاية الأمر، والحق أن الإيمان والعبادات والأخلاق في الإسلام تمثل المنطلقات الأساسية في صياغة الإنسان المسلم الصالح الطاهر العفيف في بناء الحياة والحضارة الراشدة، فالمؤمن لا يسرق ولا يكذب ولا يشرب الخمر؛ لأَنَّ إيمانَهُ يردعه ويصده عن فعل المحرمات.



وكذلك الطاعة والعبادة التي يقوم المسلم بأدائها، تَصُدُّهُ عن الوقوع في الإثم والمعصية، يقول الله تعالى: ﴿ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ ﴾[4]، ويقول الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾[5]، وصاحب الخلق الحميد تمنعه أخلاقه من اقتراف المعاصي والآثام.



وإِذا تبيَّن أنَّ الإنسان أصبح مصدر عدوان على البيئة التى كفلته وآوته، وأنَّهُ قابل عطفها وعنايتها بتعكير صفوها، وإقلاق أمنها، فلا ملام على هذه البيئة إذا حدَّت من عدوان أحد أفرادها، فكسرت السلاح الَّذى يؤذى به غيره[6]؛ لأنَّ الإسلام يسعى الى بناء العقيدة في النفوس وغرس الأخلاق الفاضلة، ويعتمد الإسلام على المجتمع في الوقوف أمام كل أشكال الجريمة والانحراف ومحاربتها والحيلولة دون وقوعها أو تمادي أصحابها، وذلك بإنكار المنكر والفساد، ومقاطعة أهل الجريمة والعدوان.



وقد احترم الإسلامُ حقَّ الملكيَّة، واعتبره حقَّاً مقدَّساً، لا يحلُّ لأحدٍ أن يعتدى عليه بأىِّ وجهٍ من الوجوه، ولهذا حرَّم الإسلامُ السرقة، والغصب، والربا، والغش، وتطفيف الكيل والوزن، واعتبر كل مال أُخِذَ بغيرِ سبب مشروع فهو أكلٌ للمالِ بالباطل[7].



فالإسلام يوفر العيش الكريم والعمل الشريف ويرعى الفقراء والمساكين قبل أن يقيم حد السرقة أو يقطع الأيدي، كما يأمر بغض البصر، وينهى عن الخلوة بالأجنية، وعدم الاختلاط، ويمنع كل صور العري والعلاقات المشبوهة، ويأمر بالحجاب والسترة، ويسهل سبل الزواج قبل إقامة حد الزنى من خلال التشريعات الإسلاميَّة للجريمة.



ومن أهم ملامح الجانب الوقائي إصلاح الجاني، وفتح أبواب التوبة أمامه على مصراعيها، وعدم تيئيسه من رحمة الله، وحثه على الإقلاع والندم، وعدم التمادي في الباطل، وبديهى أنَّ الإسلام يكره الجريمة، ويتوعَّدُ عليها بالنكال فى الدنيا والآخرة، ويتهدَّدُ أقواماً يرتكبونها سِرَّاً ثُمَّ يبرزون للنَّاسِ، وكأنَّهم أطهارٌ شرفاءٌ[8]، يقول الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانَاً أَثِيمَاً يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُون مِنَ اللهِ ﴾[9].



إن التربية الإسلامية المستمرة بالحكمة والموعظة الحسنة ثم التوعية المستمرة بالجريمة وأخطارها من كافة الجهات المعنية، وأيضاً سد الأبواب والمنافذ التي تؤدي إلى اقتراف الجريمة، ثم إقامة العقوبة الشرعيَّة الرادعة، كل هذه الخطوات تؤدِّي الى مكافحة الجريمة وتنقية المجتمع من أخطارها، وبذلك فقد تكفَّلت التشريعات الجنائيَّة الإسلاميَّة على عاتقها عبء مكافحة الجريمة والتصدي لها؛ حماية للمجتمع من أن يقع فريسة لها بمختلف أنواعها.



وهناك حقَّان متميِّزان ترعاهما الشَّريعةُ الإسلاميَّة هما:

• حقُّ المخطئ فى فرصةٍ يتوب فيها، ويستأنف مسلكاً أنظف.

• وحقُّ المجتمع فى صيانة كيانه من نزوات العميان، وتخبُّطه الَّذى يصيب الأبرياء والغافلين.



والإسلام يرعى الحقَّين كليهما، فأمَّا حق المخطئ فى التوبة، فليس فى الأرض دين يُيَسِّرُ المتابَ للخاطئين، ويدفعهم إليه دفعاً كدين الإسلام، ولكن ما العمل إذا تحوَّل امرؤٌ إلى كلبٍ مسعور، فأصبح تركه حُرَّاً لا يزيده إِلاَّ ضَراوةً، ولا يَزيدُ المجتمع به إِلاَّ شَقاوةً، إِنَّ عقاب مثل هذا لا مناص منه[10].



حِرْصُ الإِسْلامِ عَلَى مُكَافَحَةِ الجَرِيمَةِ:

إِنَّ الجريمة سلوك شاذ، يهدد أمن الأفراد، واستقرار المجتمعات، ويقوض أركان الدول والبلاد، وأحكام الشريعة الإسلامية الغراء بعدلها القويم، ومبادئها الشاملة تدور حول صيانة الضرورات الأساسيَّة التى لا يستطيع الإنسان أن يستغنى عنها، ويعيش بدونها، وقد وضعت الشريعة الإسلاميَّة فى سبيل المحافظة على هذه الكليات عقوبات زاجرة وأليمة لكل من يتعدَّى عليها، وينتهك حرمتها[11].



والإسلام باعتباره دين صلاح وإصلاح قد تصدى للظاهرة الإجراميَّة، وحرص الإسلام على الوقاية من الجريمة، وحاربها بطرق متعددة، وعلى مستويات مختلفة، وفاق بذلك كل النظم الوضعيَّة في الحد والإقلال من الجريمة، وإحدى الطرق التي اتَّبعها الإسلامُ في ذلك هي وضعه لنظام العقوبة.



وَالعُقُوبَاتُ الشَّرْعِيَّةُ: هى عقوبات رادعة، وهى خير من أن يودع هؤلاء المجرمون في السجون؛ للتعوُّد على الجريمة والازدياد من الخبرة فيها، ولينفق عليهم من النفقات الطائلة، ويقام عليهم الحراس الذين يأخذون الرواتب الباهظة، دون أن يرتدعوا ودون أن يتعلموا ويتعلم من سواهم ضرر جريمتهم، وهذه العقوبات تعرف باسم "الحدود" و"التعزيزات"، وهذه الحدود تمنع الجرائم، وتردع المجرمين عن اقترافِ الجرائم.



الحِكْمَةُ مِنْ تَشْرِيعِ الحُدُودِ فِى الإِسْلامِ:

ليس المراد بالحدود التشفى، وإيقاع الناس فى الحرج، وتعذيبهم بقطع أعضائهم، أو قتلهم، أو رجمهم، وإنما المراد هو أن تسود الفضيلة وتُمنعُ الجريمة، ويعيش الناس فى استقرارٍ وهدوءٍ وأمن، ومن هنا نجد أنَّ الشرع ييسر فى هذه الحدود، فإذا اشتدت الظروف فى حالاتِ الجوع والخوف والحاجة تُعطل الحدود، كما فعل سيدنا عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ فى عام الرمادة.



ومن التيسير أيضًا أن الإسلام يأمر بالستر قبل الوصول إلى الحاكم فقد رُوْىَ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجلٍ يشهد على الزنا: "لو سترته بثوبك كان خيرًا لك"[12].



وَالحِكْمَةُ مِنْ تَشْرِيعِ الحُدُودِ فِى الإِسْلامِ تتمثل في:

• منع الناس من اقتراف الجرائم.

• زجرهم عن المخالفات.

• إبعادهم عن الإفساد في الأرض.

• حملهم على فعل ما فيه الصلاح.



فالحدود فى الإسلام إنما هى زواجر تمنع الإنسان المذنب أن يعود إلى هذه الجريمة مرة أخرى، وهى كذلك تزجر غيره عن التفكير فى مثل هذه الفعلة وتمنع من يفكر فى الجريمة من ارتكابها، وهى أيضًا نكال "مانع" من وقوع الجريمة على مستوى الفرد، وعلى مستوى الجماعة، "والعقوبات على الجرائم إنما جعلت زاجرة ومكفرة، فإنَّها زاجرة عن أن ترتكب المعاصى، وإذا نفذت فى الجانى إنما كفرت عنه ذنبه الذى اقترفه، فلا يعاقب عليه فى الآخرة"[13].




سنة النشر : 2001م / 1422هـ .
عدد مرات التحميل : 12805 مرّة / مرات.
تم اضافته في : الخميس , 30 أغسطس 2018م.
حجم الكتاب عند التحميل : 16.7 ميجا بايت .

ولتسجيل ملاحظاتك ورأيك حول الكتاب يمكنك المشاركه في التعليقات من هنا:

القانون

 

الجريمة المنظمة وسياسة المكافحة في التشريع الإسلامي والقانون الجنائي 

الجريمة المنظمة وسياسة المكافحة في التشريع الاسلامي والقانون الجنائي داسة مقارنة بين أساليب الوقاية والمكافحة في التشريع الجنائي الاسلامي والأنظمة الجنائية المعاصرة لجريمة تهريب المخدرات

المؤلف : محمد بن مسفر بن عبدالخالق الشمراني

مؤلفين آخرين:    المالكي، عبدالحفيظ بن عبدالله


بحث الأول: الإسلام والجريمة.

وقد تناولت فيه المنهج الإسلامى وحرصه على مكافحة الجريمة، والحكمة من أهداف وتشريع الحدود فى الإسلام، ودور الحدود الشرعيَّة فى القضاء على الجريمة، ثُمَّ وضَّح البحث خطورة تعطيل الحدود الشرعِيَّة فى انتشار الجرائم والمعاصى.

 

المبحث الثانى: الجرائم وعقوبتها الإسلاميَّة:

وقد تناولت فيه العقوبة الإسلاميَّة لكل جريمة من الجرائم السبعة: "الردة، القتل، السرقة، القذف، الزنا، الحرابة، الخمر" وتناولت الحكمة من تشريع كل عقوبة إسلاميَّة لكل جريمةٍ من هذه الجرائم، ثم جاءت بعد ذلك توصيَّات البحث، ثمَّ ثبت بالمصادر والمراجع التى استعنت بها، مرتَّبة ترتيباً هجائيَّاً (ألف بائى).

 

وبعد؛ فهذا نهاية جُهدى، فإن أصبتُ فذلك توفيقٌ من الله، وإن تعثَّرتُ فذاك من نفسى، وحسبى أنَّنى حاولتُ واجتهدتُ، وما توفيقى إلاَّ بالله عليهِ توكَّلْتُ وإليْهِ أُنيبُ، ربَّنا لاتُؤاخِذنا إنْ نسينا أو أخْطَأْنا ، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلِّى اللهُمَّ على سيدنا محمد وعلى آلِهِ وأصحابِهِ، ومن اهتدى بهديِهِ وسار على نهجِهِ إلى يومِ الدين.

 

والله أسأل التوفيق، وهو حسبى ونعمَ الوكيل

 

المَبْحَثُ الأَوَّلُ

الإِسْلامُ وَالجَرِيمَة: المَنْهَجُ الإِسْلامِى لِمُكَافَحَةِ الجَرِيمَةِ

يحاربُ الإسلامُ الجرائم؛ لأنَّهُ يفترض أنَّ الإنسانَ يجب أن يعيش من طريق شريف، وأن يحيا على ثمرات كفاحه وجهده الخاص، أى أنَّهُ لا يبنى كيانه على الجريمة[1]، والإسلام لا يعتبر أى فعلٍ من الأفعال جريمة إِلاَّ مافيه ضرر محقق للفرد والجماعة، ويظهر هذا الضرر فيما يمس الدين، أو العرض، أو النفس، أو النسل، أو المال، وما يترتَّبُ على ذلك من فسادٍ وإخلالٍ فى المجتمع[2].

والإسلامُ يستهدفُ حمايةَ أعراضِ النَّاس، والمحافظة على سمعتهم، وصيانة كرامتهم، ويظلُّ الإسلامُ دائِماً أبداً وفيَّاً لمبدئِهِ القاضى بتنظيفِ البيئة وقاية من الفتنة والجريمة، وابتغاء صياغة مجتمع بلا مشاكل، وفى سبيل ذلك تتبَّع الإسلامُ أسباب الفتنة فحذَّر منها[3].

وقد تميز الإسلام بمنهجه الفريد في مكافحة الجريمة واستئصالها من جذورها من خلال خطين متلازمين ومتوازيين، وهما:

1- الجانب الوقائي.

2- الجانب العلاجي.

 

أَمَّا الجَانِبُ الوِقَائِي:

فإِنَّ الإسلام لاينتظر وقوع الجريمة حتى يتصدى لها، وإنما يتخذ لها كل الإجراءات والتدابير، وما من شأنه الحيلولة دون وقوع الجريمة.

وَأَمَّا الجَانِبُ العِلاجِي:

فهو لايكون إلاَّ فى نهاية الأمر، والحق أن الإيمان والعبادات والأخلاق في الإسلام تمثل المنطلقات الأساسية في صياغة الإنسان المسلم الصالح الطاهر العفيف في بناء الحياة والحضارة الراشدة، فالمؤمن لا يسرق ولا يكذب ولا يشرب الخمر؛ لأَنَّ إيمانَهُ يردعه ويصده عن فعل المحرمات.

وكذلك الطاعة والعبادة التي يقوم المسلم بأدائها، تَصُدُّهُ عن الوقوع في الإثم والمعصية، يقول الله تعالى: ﴿ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ ﴾[4]، ويقول الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾[5]، وصاحب الخلق الحميد تمنعه أخلاقه من اقتراف المعاصي والآثام.

وإِذا تبيَّن أنَّ الإنسان أصبح مصدر عدوان على البيئة التى كفلته وآوته، وأنَّهُ قابل عطفها وعنايتها بتعكير صفوها، وإقلاق أمنها، فلا ملام على هذه البيئة إذا حدَّت من عدوان أحد أفرادها، فكسرت السلاح الَّذى يؤذى به غيره[6]؛ لأنَّ الإسلام يسعى الى بناء العقيدة في النفوس وغرس الأخلاق الفاضلة، ويعتمد الإسلام على المجتمع في الوقوف أمام كل أشكال الجريمة والانحراف ومحاربتها والحيلولة دون وقوعها أو تمادي أصحابها، وذلك بإنكار المنكر والفساد، ومقاطعة أهل الجريمة والعدوان.

 

وقد احترم الإسلامُ حقَّ الملكيَّة، واعتبره حقَّاً مقدَّساً، لا يحلُّ لأحدٍ أن يعتدى عليه بأىِّ وجهٍ من الوجوه، ولهذا حرَّم الإسلامُ السرقة، والغصب، والربا، والغش، وتطفيف الكيل والوزن، واعتبر كل مال أُخِذَ بغيرِ سبب مشروع فهو أكلٌ للمالِ بالباطل[7].

فالإسلام يوفر العيش الكريم والعمل الشريف ويرعى الفقراء والمساكين قبل أن يقيم حد السرقة أو يقطع الأيدي، كما يأمر بغض البصر، وينهى عن الخلوة بالأجنية، وعدم الاختلاط، ويمنع كل صور العري والعلاقات المشبوهة، ويأمر بالحجاب والسترة، ويسهل سبل الزواج قبل إقامة حد الزنى من خلال التشريعات الإسلاميَّة للجريمة.

ومن أهم ملامح الجانب الوقائي إصلاح الجاني، وفتح أبواب التوبة أمامه على مصراعيها، وعدم تيئيسه من رحمة الله، وحثه على الإقلاع والندم، وعدم التمادي في الباطل، وبديهى أنَّ الإسلام يكره الجريمة، ويتوعَّدُ عليها بالنكال فى الدنيا والآخرة، ويتهدَّدُ أقواماً يرتكبونها سِرَّاً ثُمَّ يبرزون للنَّاسِ، وكأنَّهم أطهارٌ شرفاءٌ[8]، يقول الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانَاً أَثِيمَاً يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُون مِنَ اللهِ ﴾[9].

إن التربية الإسلامية المستمرة بالحكمة والموعظة الحسنة ثم التوعية المستمرة بالجريمة وأخطارها من كافة الجهات المعنية، وأيضاً سد الأبواب والمنافذ التي تؤدي إلى اقتراف الجريمة، ثم إقامة العقوبة الشرعيَّة الرادعة، كل هذه الخطوات تؤدِّي الى مكافحة الجريمة وتنقية المجتمع من أخطارها، وبذلك فقد تكفَّلت التشريعات الجنائيَّة الإسلاميَّة على عاتقها عبء مكافحة الجريمة والتصدي لها؛ حماية للمجتمع من أن يقع فريسة لها بمختلف أنواعها.

 

وهناك حقَّان متميِّزان ترعاهما الشَّريعةُ الإسلاميَّة هما:

• حقُّ المخطئ فى فرصةٍ يتوب فيها، ويستأنف مسلكاً أنظف.

• وحقُّ المجتمع فى صيانة كيانه من نزوات العميان، وتخبُّطه الَّذى يصيب الأبرياء والغافلين.

 

والإسلام يرعى الحقَّين كليهما، فأمَّا حق المخطئ فى التوبة، فليس فى الأرض دين يُيَسِّرُ المتابَ للخاطئين، ويدفعهم إليه دفعاً كدين الإسلام، ولكن ما العمل إذا تحوَّل امرؤٌ إلى كلبٍ مسعور، فأصبح تركه حُرَّاً لا يزيده إِلاَّ ضَراوةً، ولا يَزيدُ المجتمع به إِلاَّ شَقاوةً، إِنَّ عقاب مثل هذا لا مناص منه[10].

حِرْصُ الإِسْلامِ عَلَى مُكَافَحَةِ الجَرِيمَةِ:

إِنَّ الجريمة سلوك شاذ، يهدد أمن الأفراد، واستقرار المجتمعات، ويقوض أركان الدول والبلاد، وأحكام الشريعة الإسلامية الغراء بعدلها القويم، ومبادئها الشاملة تدور حول صيانة الضرورات الأساسيَّة التى لا يستطيع الإنسان أن يستغنى عنها، ويعيش بدونها، وقد وضعت الشريعة الإسلاميَّة فى سبيل المحافظة على هذه الكليات عقوبات زاجرة وأليمة لكل من يتعدَّى عليها، وينتهك حرمتها[11].

والإسلام باعتباره دين صلاح وإصلاح قد تصدى للظاهرة الإجراميَّة، وحرص الإسلام على الوقاية من الجريمة، وحاربها بطرق متعددة، وعلى مستويات مختلفة، وفاق بذلك كل النظم الوضعيَّة في الحد والإقلال من الجريمة، وإحدى الطرق التي اتَّبعها الإسلامُ في ذلك هي وضعه لنظام العقوبة.

 

وَالعُقُوبَاتُ الشَّرْعِيَّةُ: هى عقوبات رادعة، وهى خير من أن يودع هؤلاء المجرمون في السجون؛ للتعوُّد على الجريمة والازدياد من الخبرة فيها، ولينفق عليهم من النفقات الطائلة، ويقام عليهم الحراس الذين يأخذون الرواتب الباهظة، دون أن يرتدعوا ودون أن يتعلموا ويتعلم من سواهم ضرر جريمتهم، وهذه العقوبات تعرف باسم "الحدود" و"التعزيزات"، وهذه الحدود تمنع الجرائم، وتردع المجرمين عن اقترافِ الجرائم.

 

الحِكْمَةُ مِنْ تَشْرِيعِ الحُدُودِ فِى الإِسْلامِ:

ليس المراد بالحدود التشفى، وإيقاع الناس فى الحرج، وتعذيبهم بقطع أعضائهم، أو قتلهم، أو رجمهم، وإنما المراد هو أن تسود الفضيلة وتُمنعُ الجريمة، ويعيش الناس فى استقرارٍ وهدوءٍ وأمن،  ومن هنا نجد أنَّ الشرع ييسر فى هذه الحدود، فإذا اشتدت الظروف فى حالاتِ الجوع والخوف والحاجة تُعطل الحدود، كما فعل سيدنا عمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه ـ فى عام الرمادة.

 

ومن التيسير أيضًا أن الإسلام يأمر بالستر قبل الوصول إلى الحاكم فقد رُوْىَ أَنَّ  رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجلٍ يشهد على الزنا: "لو سترته بثوبك كان خيرًا لك"[12].

وَالحِكْمَةُ مِنْ تَشْرِيعِ الحُدُودِ فِى الإِسْلامِ تتمثل في:

• منع الناس من اقتراف الجرائم.

• زجرهم عن المخالفات.

• إبعادهم عن الإفساد في الأرض.

• حملهم على فعل ما فيه الصلاح.

 

فالحدود فى الإسلام إنما هى زواجر تمنع الإنسان المذنب أن يعود إلى هذه الجريمة مرة أخرى، وهى كذلك تزجر غيره عن التفكير فى مثل هذه الفعلة وتمنع من يفكر فى الجريمة من ارتكابها، وهى أيضًا نكال "مانع" من وقوع الجريمة على مستوى الفرد، وعلى مستوى الجماعة، "والعقوبات على الجرائم إنما جعلت زاجرة ومكفرة، فإنَّها زاجرة عن أن ترتكب المعاصى، وإذا نفذت فى الجانى إنما كفرت عنه ذنبه الذى اقترفه، فلا يعاقب عليه فى الآخرة"[13].


 سياسة مكافحة الجريمة في التشريع الإسلامي
الوقاية من الجريمة في الشريعة الإسلامية

الجريمة في الاسلام

الوسائل والطرق للمحافظة على المجتمع من الوقوع في جرائم القتل

طرق مكافحة الجريمة

علاج الجريمة

طرق الوقاية من الجريمة

اسباب الجريمة وعلاجها pdf

سبل الوقاية من جريمة القتل



نوع الكتاب : pdf.
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل الجريمة المنظمة وسياسة المكافحة في التشريع الإسلامي والقانون الجنائي



كتب اخرى في قوانين الشريعة الاسلامية

الجرائم السلبية أحكامها وضوابطها في الفقه الإسلامي PDF

قراءة و تحميل كتاب الجرائم السلبية أحكامها وضوابطها في الفقه الإسلامي PDF مجانا

الجريمة المستحيلة في الفقه والقانون والقضاء PDF

قراءة و تحميل كتاب الجريمة المستحيلة في الفقه والقانون والقضاء PDF مجانا

الجريمة المعلوماتية وأزمة الشرعية الجزائية PDF

قراءة و تحميل كتاب الجريمة المعلوماتية وأزمة الشرعية الجزائية PDF مجانا

الجريمة المنظمة بين الفقه الإسلامي والتشريعات العربية PDF

قراءة و تحميل كتاب الجريمة المنظمة بين الفقه الإسلامي والتشريعات العربية PDF مجانا

الجريمة والعقوبة في الفقه الإسلامي PDF

قراءة و تحميل كتاب الجريمة والعقوبة في الفقه الإسلامي PDF مجانا

الجمع أو التفريق بين سلطتي الأدعاء والتحقيق PDF

قراءة و تحميل كتاب الجمع أو التفريق بين سلطتي الأدعاء والتحقيق PDF مجانا

الجِنَايَاتُ المُخْتَلَفُ فِي تَحَمُّلِ العَاقِلَةِ لَهَا فِي الفِقْهِ الإسْلامِي -دِرَاسَةٌ مُقَارَنَة PDF

قراءة و تحميل كتاب الجِنَايَاتُ المُخْتَلَفُ فِي تَحَمُّلِ العَاقِلَةِ لَهَا فِي الفِقْهِ الإسْلامِي -دِرَاسَةٌ مُقَارَنَة PDF مجانا

الجناية علي الأطراف في الفقه الإسلامي PDF

قراءة و تحميل كتاب الجناية علي الأطراف في الفقه الإسلامي PDF مجانا

المزيد من كتب علوم القرآن في مكتبة كتب علوم القرآن , المزيد من كتب إسلامية متنوعة في مكتبة كتب إسلامية متنوعة , المزيد من إسلامية متنوعة في مكتبة إسلامية متنوعة , المزيد من كتب الفقه العام في مكتبة كتب الفقه العام , المزيد من كتب التوحيد والعقيدة في مكتبة كتب التوحيد والعقيدة , المزيد من مؤلفات حول الحديث النبوي الشريف في مكتبة مؤلفات حول الحديث النبوي الشريف , المزيد من كتب أصول الفقه وقواعده في مكتبة كتب أصول الفقه وقواعده , المزيد من التراجم والأعلام في مكتبة التراجم والأعلام , المزيد من السنة النبوية الشريفة في مكتبة السنة النبوية الشريفة
عرض كل كتب إسلامية ..
اقرأ المزيد في مكتبة كتب إسلامية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تقنية المعلومات , اقرأ المزيد في مكتبة المناهج التعليمية والكتب الدراسية , اقرأ المزيد في مكتبة القصص والروايات والمجلّات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الهندسة والتكنولوجيا , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب والموسوعات العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تعلم اللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التنمية البشرية , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب التعليمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التاريخ , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأطفال قصص ومجلات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الطب , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب العلمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم سياسية وقانونية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأدب , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الروايات الأجنبية والعالمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب اللياقة البدنية والصحة العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأسرة والتربية الطبخ والديكور , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب الغير مصنّفة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب المعاجم واللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم عسكرية و قانون دولي
جميع مكتبات الكتب ..