نبذه عن الكتاب :
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:
فإن الأيام والسنين تمر، والأحداث والخطوب تتوالى، وما تزال جراح أمتنا تنزف ومآسيها تتوالى، وظلمتها تشتد، فلا يخفى على ذي بصر تكالب أعدائها واستشراء الوهن بين أكثر أفرادها، ولكن العاقل لا يشك أن المستقبل لهذا الدين، وسيبلغ ما بلغ الليل والنهار. وأن هذا النصر سيجعله الله تعالى على أيدي المسلمين أنفسهم وبجهودهم.
وكما أن الله سبحانه وتعالى قادر على هداية الناس دون بذلٍ من الدعاة والمصلحين {وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا} ، فإنه سبحانه وتعالى قادر على إهلاك الكفرة بدون بذل أسباب بشرية {وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ} .
ولكن الله سبحانه وتعالى شَرَعَ لنا الجهاد ليختبرنا {وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ} ليُعلَمْ مَنْ الصادق في البذل لهذا الدين والتضحية من أجل رب العالمين، وصَدَقَ الله إذ قال: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} .
المعالي لا تُنال بالأماني
إن المعالي لا تُنال بالأماني، ولا يتأتى النصر إلا على ألوان البذل والتضحية بشتى صنوفها، وإذا عرف أن الابتلاء سنة ماضية تبين أن النصر لا يقوم إلا على البذل في سبيل الحق.
فهل نحن أعز على الله تعالى من رسوله الكريم - صلى الله عليه وسلم - إذ أخذ بكافة الأسباب حين أراد الهجرة من مكة، من رفيق الطريق والزاد والدابة واستئجار الدليل، وإخفاء الليالي،؟ كل ذلك والله قادر على إيصاله إلى المدينة بأقل من طرفة عين، لكنها السُنَنُ والمدرسة التي يجب أن نتعلم منها ونتلمس خطاها.
وهل نحن أعز على الله من مريم البتول صاحبة المعجزة العظيمة التي جاءها المخاض فآوت إلى نخلة باسقة عظيمة؟ آوت وهي في ضعف وألم، ومع هذا أمَرَها الله وقال لها: {وَهُزي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِي وَاشْرَبي وَقَري عَيْنًا ... } ، فكيف تهز الضعيفة في وقت نفاسها نخلة؟ وماذا ستؤثر فيها ... ؟ ولكنه السبب الذي تعبدنا الله ببذله توكلاً لا تواكلاً .. كل ذلك والله قادر على الإعطاء من غير سبب.
فماذا عسى كثير من المتواكلين يقولون؟
أم نحن أعز على الله من نبيه موسى عليه السلام حيث خرج بقومه يريد الهرب من فرعون وملئه؟ فعلم بهم فرعون فأتبعهم والقوم يهربون منه، ولكن وقع ما لم يكن في حسبانهم .. لقد بذلوا مع نبيهم موسى عليه السلام الأسباب آخرها الهرب بدينهم، ولكن هاهو فرعون من خلفهم والبحر من أمامهم، فرفعوا أصواتهم بعد أن زاغت أبصارهم يمنة ويسرة، كلٌّ يتساءل: ما نفعل؟ هاهو المشهد يقترب من نهايته والمعركة تصل ذروتها .. إنهم أمام البحر ليس معهم سَفينة، ولا يملكون خوضه، وقد قاربهم فرعون بجنوده يطلبونهم، وقالت دلائل الحال كلها: ألا مفر، والبحر والعدو يحيطون، فقال أصحاب موسى
عليه السلام {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} ، وبلغ الكرب مداه .. العيون زائغة، والقلوب فزعة، وما هي إلا دقائق ثم يهجم الموت ولا مناص، ولكن موسى عليه السلام الذي تلقى الوحي من ربِه لا يشك لحظة وملء قلبه الثقة بالله واليقين بعونه، فقال بلغة الواثق الساكن قلبًا ومعنى: {كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبي سَيَهْدِينِ} ، لقد قالها: {كَلَّا} في شدة وتوكيد، كلا لن نكون مدركين .. لن نكون هالكين .. لن نكون مفتونين ومعنا الله. إنه الأنس والثقة .. وفي اللحظة الأخيرة ينبثق الشعاع في ليل الكرب وينفتح طريق النجاة من حيث لم يحتسب المحتسبون: {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ} ، بذلاً للسبب وإن كان الله قادرًا على فعل النتيجة دون بذل سبب من البشر، ولكن لابد للبشر من جهد يبذلونه حتى لا يكون النصر رخيصًا. ثم تأتى النتيجة: {فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} ، ووقعت المعجزة وتحقق ما قال عنه الناس: مستحيل، ووقف الماء على جانبي الطريق ووقف فرعون مدهوشًا مما يرى. وتم تدبير الله، فخرج بنو إسرائيل من الشاطئ الآخر بينما كان فرعون وجنوده بين فرقي الماء أجمعين، فأمر الله جنده من الماء أن ترجع {وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآَخَرِينَ * وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآَخَرِينَ} .
يقول الغزالي رحمه الله (( الجنود التي يخذل الله بها الباطل وينصر بها الحق ليست مقصورة على نوع معين من السلاح ولا صورة خاصة من الخوارق، إنها أعم من أن تكون مادية أو معنوية، وإذا كانت مادية فإن خطرها لا يتمثل في ضخامتها، فقد تفتك جرثومة لا تراها العين بجيش ذي لجب: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} ، ومن صنع الله لنبيه
يوم الهجرة أن عمى عنه عيون عداته على حد قول أبي بكر رضي الله عنه (( لو نظر أحدهم إلى مواقع قدميه لرآنا )) ولكن الواثق بربه العارف به قال بيقين: (( يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما )) ، ويقول له: (( أن الله معنا )) ، ومن معه الله فهل يغلب؟ إن ذلك لم يكن محاباة، بل هو مكافأة؛ لأنهم لم يدعوا وسيلة من وسائل الحذر إلا اتخذوها، وكم خطة يضعها أصحابها يبلغون بها نهاية الإتقان تمر بها فترات عصيبة لأمور فوق الإرادة أو وراء الحسبان، ثم تستقر أخيرًا وفق مقتضيات الحكمة العليا وفي حدود قول الله تعالى: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} .
إن المعالي لا تُنال بالأماني، ولا يتأتى النصر إلا على ألوان البذل والتضحية بشتى صنوفها، وإذا عرف أن الابتلاء سنة ماضية تبين أن النصر لا يقوم إلا على البذل في سبيل الحق، وهذا الكتيب يبين بعض أسباب النصر.
معنى الاسلام
ما هو الاسلام
ما هو الاسلام الصحيح
شرح تعريف الاسلام
معلومات عن الاسلام
بحث عن الدين الاسلامي
تعريف الاسلام للاطفال
موقع الاسلام
مفهوم الدين pdf
معنى الدين
الدين الاسلامي
ما هو الدين الحقيقي في العالم
المعتقدات الدينية الاسلامية
الدين المال
تعريف الدين الحق
بحث عن الدين
قراءة و تحميل كتاب حكم الطهارة لمس القرآن الكريم - دراسة فقهية مقارنة PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب الثمر المستطاب في روائع الآل والأصحاب PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب مفهوم الحساب الفلكي من الناحية الشرعية PDF مجانا