المقصود الأعظم من العلم ليس أن يتزين به الإنسان، ولا أن يتشرف بتحصيله وجمعه، ودراسته وروايته، وتحقيقه ونشره من غير أن يكون له رغبة في العمل به، والالتزام بمقتضاه. ولقد وردت المعاني في تفسير قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ (٦٩) سورة العنكبوت.
أنزل الله هذا القرآن ليخرج الناس به من الظلمات إلى النور، ومن الضلالة إلى الهدى، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة، قال تعالى : {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِين * يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } (15-16) سورة المائدة
لقد تمسك السلف الصالح بالقرآن الكريم ، وحولوا تلك الآيات إلى منهج حياة متكامل، بأوامره يأتمرون ، وبنواهيه ينتهون ، بل حولوها إلى رجال تتحرك في واقع البشر؛ فكان القرآن مصدر عزهم وشرفهم وسيادتهم ، ومن ثَمَّ جعلهم القرآن قادة وسادة للأمم بعد أن كانوا رعاة للإبل والغنم ، ولكن شتان ما بين الخلف الطالح والسلف الصالح ، فإننا نشهد هجراً للقرآن على جميع المستويات بشتى الأشكال: هجراً للتلاوة، والاستماع ، والتدبر، والعمل، والتحاكم ، والتداوي والاستشفاء بالقرآن، حتى صدق على الكثير منا قوله تعالى : {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} (30) سورة الفرقان
لقد هجر القرآن عملاً .. فإذا بالقرآن الذي هو منهاج حياة متكامل يصير في واقع الناس آيات تقرأ عند القبور ، ويهدى ثوابها للأموات، أو تصنع منه التمائم والأحجبة تعلق على صدور الغلمان والصبيان، أو يوضع في البيوت والمحلات والسيارات للحفظ والبركة!!
ومن أجل هذا كله ؛ استعنا بالله وحده في جمع مادة هذا الكتاب رغبة في الأجر ، ونصحاً للأمة ، وتحذيراً من هجر القرآن ، وبيان عواقبه في الدنيا والآخرة لعله يكون دافعاً إلى العودة إلى القرآن الكريم مصدر العز والشرف والسيادة
وسميته : العمل بالقرآن بين الترغيب والترهيب
وفيه ثلاثة فصول:
الفصل الأول : العمل بالقرآن بين الترغيب والترهيب .
الفصل الثاني : أسباب هجر العمل بالقرآن في واقع الناس .
الفصل الثالث : العمل بالقرآن في واقع السلف الصالح
نسأل الله - سبحانه وتعالى - أن يجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا، ونور أبصارنا، وجلاء أحزاننا ، وذهاب همنا وغمنا ، وأن يرزقنا تلاوته آناء الليل، وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيه عنا ، وأن يوفقنا للعمل به، والتحاكم إليه.
ونسأله - سبحانه وتعالى - أن ينفع بهذا الكتاب ، ويكتب له القبول، وأن يجزي كل من ساهم في إخراجه خير الجزاء، وما كان من توفيق فمن الله وحده ، وما كان من خطأ، أو زلل ، أو تقصير فمنا، ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وجزى الله خيراً من رأى فيه خللاً فأرشدنا إليه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً .
كتبه
أبو أنس محمد بن فتحي آل عبد العزيز
قراءة و تحميل كتاب التيسير شرح مقدمة التفسير لابن تيمية PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب علوم القران في السودان ما بين القرن العاشر والثالث عشر الهجري PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب جهود مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في مجال الترجمة - دراسة تقويمية PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب البدهيات في القرآن الكريم دراسة نظرية نسخة مصورة PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب شرح مقدمة التفسير للشيخ عبدالرحمن بن محمد بن قاسم PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب تنبيهات عقدية في تفسير هداية الرحمن باللغة الملاوية PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب (كلا) دلالتها ومواقعها في القرآن الكريم PDF مجانا