نبذه عن الكتاب:
نتج عن هذا الصلح اتفاق سمّي "صلح الحديبية" وكانت بنوده تنص على:
وضع الحرب عشر سنين يأمن فيها الناس، ويكفّ بعضهم عن بعض.
يردّ المسلمون من يأتي إليهم من قريش مسلمًا دون علم أهله، وأن لا ترد قريش من يأتيها مرتدًا.
من أحبّ من القبائل أن يدخل في عقد محمد صلى الله عليه وسلم وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه.
يرجع النبي صلى الله عليه وسلم عن مكة عامه ذاك فلا يدخلها، على أن يعود العام القابل فيعتمر.وتضمّن هذا البند بعض التفاصيل، منها: أن تخرج قريش من الحرم ليدخله النبي صلى الله عليه وأصحابه، ليس معهم من السلاح إلا سلاح الراكب، وتكون السيوف في القُرُب، ويبقى في مكة ثلاثة أيام.
ترك المؤاخذة بما تقدم بين الفريقين من أسباب الحرب وغيرها، والمحافظة على الصلح. والتأكيد على ذلك بمنع ما يؤدي إلى رجوع الحرب بين الفريقين.
ثالثًا: الفوائد والدروس والعبر:
1. أحكامُ الصلح والمعاهدات أحكامٌ شرعية تؤخذ من الكتاب والسنّة، لذا كان صلح الحديبية من أهم ما يعتمد عليه في هذا الباب، والفوائد والدروس والعبر التي تستخلص منه في غاية الأهمية.
قال ابن القيم رحمه الله: "أخذُ الأحكامِ المتعلّقةِ بالحربِ، ومصالحِ الإسلامِ وأهلهِ وأمرهِ، وأمورِ السياساتِ الشرعيةِ من سيَره ومغازِيهِ أولى مِن أخْذِهَا من آراءِ الرّجالِ"[ 3 ].
2. مشروعية المبادرة بطلب الصلح، فالرسول صلى الله عليه وسلم لما رأى المصلحة في عقد الصلح ابتدأ بطلبه وسارع إليه، قال ابن القيم رحمه الله: "فيه جواز ابتداء الإمام بطلب صلح العدو، إذا رأى المصلحة للمسلمين فيه، ولا يتوقف ذلك على أن يكون ابتداء الطلب منهم"[ 4 ].
3. مشروعية عقد الصلح مع الأعداء إذا كان فيه مصلحة للمسلمين، وفي صلح الحديبية تحققت مصالح عظيمة للمسلمين لم تكن لتتحقق بالحرب.
فمن هذه المصالح: توقّف الحرب وحصول الأمن والأمان، وهذا مطلب إسلامي أصيل، تدل عليه نصوص القرآن والسنّة.
ومنها: الاعتراف بالمسلمين كقوّة لها وزنها، يتم التفاوض معها، ومنحهم مكاسب مهمّة ولو كانت قليلة أو مؤجّلة، كدخول مكّة، وإظهار الحلفاء من القبائل، وانضمام غيرهم معهم.
ومنها: تحييد الأعداء للتفرّغ لأمور مهمة أخرى، كنشر الدعوة، وتثبيت دعائم الدولة، وإقامة العدل، وتحقيق السلم، وحقن الدماء وصيانة الأعراض.
قال ابن القيم رحمه الله: "هذه الهدنة كانت من أعظم الفتوح، فإن الناس أمن بعضهم بعضًا، واختلط المسلمون بالكفار، وبادؤوهم بالدعوة وأسمعوهم القرآن، وناظروهم على الإسلام جهرة آمنين، وظهر من كان مختفيًا بالإسلام، ودخل فيه في مدة الهدنة من شاء الله أن يدخل، ولهذا سماه الله فتحًا مبينًا"[ 5 ].
وقال النووي رحمه الله: "قال العلماء: والمصلحة المترتبة على إتمام هذا الصلح ما ظهر من ثمراته الباهرة وفوائده المتظاهرة، التي كانت عاقبتها فتح مكة وإسلام أهلها كلها ودخول الناس في دين الله أفواجًا، وذلك أنهم قبل الصلح لم يكونوا يختلطون بالمسلمين ولا تتظاهر عندهم أمور النبي صلى الله عليه وسلم كما هي، ولا يحلّون بمن يعلمهم بها مفصلة، فلمّا حصل صلح الحديبية اختلطوا بالمسلمين وجاءوا إلى المدينة وذهب المسلمون إلى مكة وحلّوا بأهلهم وأصدقائهم وغيرهم ممن يستنصحونه، وسمعوا منهم أحوال النبي صلى الله عليه وسلم مفصّلة بجزئياتها، ومعجزاته الظاهرة وأعلام نبوته المتظاهرة، وحسن سيرته وجميل طريقته، وعاينوا بأنفسهم كثيرًا من ذلك، فمالت نفوسهم إلى الإيمان حتى بادر خلق منهم إلى الإسلام قبل فتح مكة فأسلموا بين صلح الحديبية وفتح مكة، وازداد الآخرون ميلًا إلى الإسلام، فلما كان يوم الفتح أسلموا كلهم لما كان قد تمهد لهم من الميل، وكانت العرب من غير قريش في البوادي ينتظرون بإسلامهم إسلام قريش، فلما أسلمت قريش أسلمت العرب في البوادي، قال تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا}[النصر: 1-2]"[ 6 ].
4. مشروعية عقد الصلح مع الأعداء ولو كان في المسلمين قوّة وعزّة، لكنها قوة لا تكفي لاسترجاع الحق واسترداد الأرض وقهر العدو، فقبل الحديبية بسنة وقعت معركة الأحزاب، وهُزم المشركون هزيمة منكرة، حتى قال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: (الْآنَ نَغْزُوهُمْ، وَلَا يَغْزُونَا)[ 7 ]. لكنّ هذه القوة مازالت ناشئة، والأعداء يحيطون بالمسلمين من كل جانب.
فإذا كان المسلمون في حال ضعف ومهانة وقد تكالب عليهم الأعداء، فعقد الصلح جائز من باب أولى، حفاظًا على دمائهم وأعراضهم وأموالهم وقوتهم.
5. عقد الهدنة والصلح لا يعني بالضرورة الحصول على كافّة المكاسب، ولا استعادة كل الحقوق المسلوبة! فالنبي صلى الله عليه وسلّم قَبِلَ –من خلال صلح الحديبية- بزيارة مكّة ثلاثة أيام لا أكثر، في حين أن ديار المسلمين وأموالهم التي خلّفوها في مكة ما تزال بيد الكفّار، بل إن بعض المسلمين ما يزالون تحت سطوة المشركين مضطهدين مغلوبين على أمرهم.
وفي هذا دلالة على أنه يجوز للمسلمين أن يعقدوا مع الأعداء هدنة إذا كان فيها مصلحة للمسلمين، ولا يشترط في الصلح أن يحقق كل المصالح!
كما أن تحقيق بعض المصالح لا يعني بحال من الأحوال التنازل عمّا لا يشمله الاتفاق من البنود، كالتنازل عن أرض المسلمين، أو مصير أسراهم، أو نحو ذلك، فإن حصل مثل هذا التنازل والإقرار للعدو فلا شك في أنه لا يجوز.
معنى الاسلام
ما هو الاسلام
ما هو الاسلام الصحيح
شرح تعريف الاسلام
معلومات عن الاسلام
بحث عن الدين الاسلامي
تعريف الاسلام للاطفال
موقع الاسلام
مفهوم الدين pdf
معنى الدين
الدين الاسلامي
ما هو الدين الحقيقي في العالم
المعتقدات الدينية الاسلامية
الدين المال
تعريف الدين الحق
بحث عن الدين
قراءة و تحميل كتاب لماذا يكرهونه الاصول الفكرية لعلاقة الغرب بنبي الاسلام صلى الله عليه و سلم PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب السيرة النبوية في دائرة المعارف البريطانية دراسة تحليلية لما كُتب تحت مادة: محمد النبي ورسالته PDF مجانا