كتاب أبو هريرة وخمسون عامًا بعد وفاة الرسولكتب إسلامية

كتاب أبو هريرة وخمسون عامًا بعد وفاة الرسول

أبو هُرَيْرَة عبد الرحمن بن صخر الدوسي (21 ق هـ/ 602 م - 59 هـ/679م،) صحابي محدث وفقيه وحافظ أسلم سنة 7 هـ، ولزم النبي محمداً، وحفظ الحديث عنه، حتى أصبح أكثر الصحابة روايةً وحفظًا للحديث النبوي. لسعة حفظ أبي هريرة، التفّ حوله العديد من الصحابة والتابعين من طلبة الحديث النبوي الذين قدّر البخاري عددهم بأنهم جاوزوا الثمانمائة ممن رووا عن أبي هريرة. كما يعد أبو هريرة واحدًا من أعلام قُرّاء الحجاز، حيث تلقّى القرآن عن النبي محمد، وعرضه على أبي بن كعب، وأخذ عنه عبد الرحمن بن هرمز. تولى أبو هريرة ولاية البحرين في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، كمل تولى إمارة المدينة من سنة 40 هـ حتى سنة 41 هـ. وبعدها لزم المدينة المنورة يُعلّم الناس الحديث النبوي، ويُفتيهم في أمور دينهم، حتى وفاته سنة 59 هـ. اجتهد أبو هريرة في العبادة، فهذا حفيده نعيم بن المحرر بن أبي هريرة يقول بأن جده كان له خيط فيه ألفا عقدة، لا ينام حتى يسبح به، كما ذكر أبو عثمان النهدي أنه حلّ ضيفًا على أبي هريرة لسبعة أيام، فوجده وامرأته وخادمه يُقسّمون الليل ثلاثًا، يُصلّي أحدهم ثم يوقظ الآخر. وأثنى رجل من قبيلة تدعى الطفاوة على كرم أبي هريرة، فقال: «نزلت على أبي هريرة بالمدينة ستة أشهر، فلم أر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً أشد تشميرًا، ولا أقوم على ضيف، من أبي هريرة». وكان أبو هريرة دائم الإقرار بفضل ربه عليه، فقد رُوي أنه صلى بالناس يومًا، فلما سلّم، رفع صوته، فقال: «الحمد لله الذي جعل الدين قوامًا، وجعل أبا هريرة إمامًا؛ بعد أن كان أجيرًا لابنة غزوان على شبع بطنه، وحمولة رجله، فزوجنيها الله، فهي امرأتي». إسلامه وهجرته للمدينة نشأ أبو هريرة في مساكن قبيلته «دوس» الأزديّة بأرض اليمن يتيمًا، ولما بلغته دعوة الطفيل بن عمرو الدوسي إلى الإسلام أجاب الدعوة، وأسلم، ثم هاجر في أول سنة 7 هـ، وهو ابن ثمان وعشرين سنة مع نفر من قومه من قبيلة دوس اليمانية، إلى المدينة المنورة وقت غزوة خيبر، ولكن اختُلف أأدرك القتال وشارك فيه، أم بلغ المدينة بعدما فرغوا من القتال،، قال ابن عبد البر: «أسلم أبو هريرة عام خيبر، وشهدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم». خدمة أبي هريرة للنبي محمد وأهل بيته ومن وقت وصول أبي هريرة إلى المدينة، لزم المسجد النبوي في أهل الصفة الذين لم يكن لهم مأوى ولا أهل، ورد أنه أمضى أربع سنين في معيّة النبي محمد، وورد أنهم ثلاث، انقطع فيها عن الدنيا ليلازم النبي محمد، عاش فيها حياة المساكين، يدور معه في بيوت نسائه ويخدمه ويغزو معه ويحجّ، فشهد معه فتح مكة، وأصبح أعلم الناس بحديثه، فكان السابقون من الصحابة كعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير يسألونه عن الحديث، لمعرفتهم ملازمة أبي هريرة للنبي محمد، فتمكّن أبو هريرة في تلك الفترة من استيعاب قدر كبير من أحاديث النبي محمد وأفعاله، ساعده على ذلك قُدرته الكبيرة على الحفظ. امتاز أبو هريرة في تلك الفترة بالجراءة على سؤال النبي محمد عن أشياء لا يسأله عنها غيره، وقد أوكل النبي محمد له بعض الأعمال كحفظ أموال زكاة رمضان، كما بعثه النبي محمد مؤذّنًا مع العلاء بن الحضرمي حين بعث النبي محمد العلاء واليًا على البحرين. في عهد الخلفاء الراشدين وبعد وفاة النبي محمد، شارك أبو هريرة في عهد أبي بكر الصديق في حروب الردة، كما شارك في الفتح الإسلامي لفارس في عهد عمر بن الخطاب، ثم استعمله عمر واليًا على البحرين، فقدم من ولايته عليها إلى المدينة بعشرة آلاف، فاتهمه عمر في تلك الأموال، فأنكر أبو هريرة اغتصابه لتلك الأموال، وقال له بأنها نتاج خيله، ومن تجارته في الغلال، وما تجمّع له من أُعطيات. فتقصّى عُمر الأمر، فتبيّن له صدق مقولة أبي هريرة. أراد عُمر بعدئذ أنه يُعيد أبي هريرة إلى ولايته على البحرين، فأبى أبو هريرة، وامتنع. بعد ولايته تلك، أقام أبو هريرة في المدينة المنورة يُحدّث طلاب الحديث، ويُفتي الناس في أمور دينهم، فقد روى زياد بن مينا أنه: «كان ابن عباس وابن عمر وأبو سعيد وأبو هريرة وجابر مع أشباه لهم، يُفتون بالمدينة، ويُحدّثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من لدن توفي عثمان إلى أن توفوا»، كذلك قال ابن حزم في كتاب «الإحكام في أصول الأحكام»: «المتوسطون فيما روي عنهم من الفتاوى عثمان، أبو هريرة، عبد الله بن عمرو بن العاص، أم سلمة، أنس، أبو سعيد، أبو موسى، عبد الله بن الزبير، سعد بن أبي وقاص، سلمان، جابر، معاذ، أبو بكر الصديق». لم يكن أبو هريرة بمعزل عما يدور حوله من أحداث، فقد شارك أبو هريرة في مناصرة المدافعين عن عثمان بن عفان يوم الدار، وهو ما حفظه الأمويون لأبي هريرة. ورغم حُسن علاقته بالأمويين، إلا أنه عنّف مروان بن الحكم ولم يكن وقتها واليًا على المدينة المنورة لممانعته دفن الحسن بن علي بن أبي طالب مع جده النبي محمد، حيث قال له أبو هريرة: «تدخل فيما لا يعنيك ولكنك تريد رضا الغائب»، يعني أبو هريرة بذلك معاوية. وفاته مقبرة البقيع حيث دُفن أبو هريرة. تعددت الروايات في تاريخ وفاة أبي هريرة، فقال هشام بن عروة أن أبا هريرة وعائشة توفيا سنة 57 هـ، وأيّد هذا التاريخ علي بن المديني ويحيى بن بكير وخليفة بن خياط، بينما قال الهيثم بن عدي بأنه توفي سنة 58 هـ، فيما قال الواقدي وأبو عبيد وأبو عمر الضرير أنه مات سنة 59 هـ، وزاد الواقدي أن عمره يومها كان 78 سنة، وأن أبا هريرة هو من صلى على عائشة في رمضان سنة 58 هـ، وعلى أم سلمة في شوال سنة 59 هـ، ثم توفي بعد ذلك في نفس السنة. كانت وفاة أبي هريرة في وادي العقيق، وحمل بعدها إلى المدينة، حيث صلى عليه الوليد بن عتبة أمير المدينة المنورة وقتئذ بعد صلاة العصر، وشيعه عبد الله بن عمر وأبو سعيد الخدري، ودُفن بالبقيع. وقد أوصى أبو هريرة حين حضره الموت، فقال: «إذا مت فلا تنوحوا عليّ، لا تضربوا عليّ فسطاطا، ولا تتبعوني بمجمرة، وأسرعوا بي». كما كانت له قبل وفاته دارًا في ذي الحليفة، تصدق بها على مواليه. وقد كتب الوليد بن عتبه إلى الخليفة معاوية بن أبي سفيان يُنبأه بموت أبي هريرة، فكتب معاوية إليه يأمره بأن يحصي ورثة أبي هريرة، وأن يمنحهم عشرة آلاف درهم، وأن يُحسن جوارهم. لم يرد ذكر لأسرة أبي هريرة أكثر من أنه كانت له زوجة اسمها «بسرة بنت غزوان»، ومن الولد ابنه المحرر وهو ممن رووا عنه الحديث النبوي، وعبد الرحمن بن أبي هريرة، وبلال بن أبي هريرة؛ وابنة كانت زوجة للتابعي سعيد بن المسيب. أما صفة أبي هريرة الشكلية، فقد كان أبو هريرة رجلاً آدم، بعيد ما بين المنكبين، أفرق الثنيتين، ذا ضفيرتين، يميل إلى المُزاح، فقد رُوي أنه كان يرى الصبية يلعبون في الليل لعبة الغراب، فيتسلل بينهم، وهم لا يشعرون، حتى يلقي بنفسه بينهم، ويضرب برجليه الأرض، يريد بذلك أن يضحكهم، فيفزع الصبيان منه، ويفرون ههنا وههنا، يتضاحكون. تبين لنا سيرة الإسلام ضراوة المعركة الدلئرة ببين الغسلام وخصومه الذين ركزوا على شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم لينالوا منه ومهاجمة الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه فإن التشكيك في واحد من أكثر رواة الحديث عن الرسول الكريم هو تشكيك بآلاف من احاديث الرسول صلى الله عليه وسلم.
منير عرفه - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ أصحاب الأخدود - منير عرفة ❝ ❞ أبو هريرة وخمسون عامًا بعد وفاة الرسول ❝ ❞ ومع ذلك ..فقد أسلموا ! ❝ ❞ رجل بأمة ❝ ❞ وبالوالدين إحسانا .. ففيهما فجاهد ❝ ❞ على مفترق الطرق ❝ ❞ أبو لهب ❝ ❞ إبليس بين الكفر والإيمان ❝ ❞ دراسة نقدية ل الشيخ محمود عبد الرازق الرضوانى حول أسماء الله الحسنى ❝ ❱
من التراجم والأعلام - مكتبة كتب إسلامية.

وصف الكتاب : أبو هُرَيْرَة عبد الرحمن بن صخر الدوسي (21 ق هـ/ 602 م - 59 هـ/679م،) صحابي محدث وفقيه وحافظ أسلم سنة 7 هـ، ولزم النبي محمداً، وحفظ الحديث عنه، حتى أصبح أكثر الصحابة روايةً وحفظًا للحديث النبوي. لسعة حفظ أبي هريرة، التفّ حوله العديد من الصحابة والتابعين من طلبة الحديث النبوي الذين قدّر البخاري عددهم بأنهم جاوزوا الثمانمائة ممن رووا عن أبي هريرة. كما يعد أبو هريرة واحدًا من أعلام قُرّاء الحجاز، حيث تلقّى القرآن عن النبي محمد، وعرضه على أبي بن كعب، وأخذ عنه عبد الرحمن بن هرمز. تولى أبو هريرة ولاية البحرين في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، كمل تولى إمارة المدينة من سنة 40 هـ حتى سنة 41 هـ. وبعدها لزم المدينة المنورة يُعلّم الناس الحديث النبوي، ويُفتيهم في أمور دينهم، حتى وفاته سنة 59 هـ.

اجتهد أبو هريرة في العبادة، فهذا حفيده نعيم بن المحرر بن أبي هريرة يقول بأن جده كان له خيط فيه ألفا عقدة، لا ينام حتى يسبح به، كما ذكر أبو عثمان النهدي أنه حلّ ضيفًا على أبي هريرة لسبعة أيام، فوجده وامرأته وخادمه يُقسّمون الليل ثلاثًا، يُصلّي أحدهم ثم يوقظ الآخر. وأثنى رجل من قبيلة تدعى الطفاوة على كرم أبي هريرة، فقال: «نزلت على أبي هريرة بالمدينة ستة أشهر، فلم أر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً أشد تشميرًا، ولا أقوم على ضيف، من أبي هريرة». وكان أبو هريرة دائم الإقرار بفضل ربه عليه، فقد رُوي أنه صلى بالناس يومًا، فلما سلّم، رفع صوته، فقال: «الحمد لله الذي جعل الدين قوامًا، وجعل أبا هريرة إمامًا؛ بعد أن كان أجيرًا لابنة غزوان على شبع بطنه، وحمولة رجله، فزوجنيها الله، فهي امرأتي».

إسلامه وهجرته للمدينة

نشأ أبو هريرة في مساكن قبيلته «دوس» الأزديّة بأرض اليمن يتيمًا، ولما بلغته دعوة الطفيل بن عمرو الدوسي إلى الإسلام أجاب الدعوة، وأسلم،

ثم هاجر في أول سنة 7 هـ، وهو ابن ثمان وعشرين سنة مع نفر من قومه من قبيلة دوس اليمانية، إلى المدينة المنورة وقت غزوة خيبر، ولكن اختُلف أأدرك القتال وشارك فيه، أم بلغ المدينة بعدما فرغوا من القتال،، قال ابن عبد البر: «أسلم أبو هريرة عام خيبر، وشهدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم».

خدمة أبي هريرة للنبي محمد وأهل بيته
ومن وقت وصول أبي هريرة إلى المدينة، لزم المسجد النبوي في أهل الصفة الذين لم يكن لهم مأوى ولا أهل، ورد أنه أمضى أربع سنين في معيّة النبي محمد، وورد أنهم ثلاث، انقطع فيها عن الدنيا ليلازم النبي محمد، عاش فيها حياة المساكين، يدور معه في بيوت نسائه ويخدمه ويغزو معه ويحجّ، فشهد معه فتح مكة، وأصبح أعلم الناس بحديثه، فكان السابقون من الصحابة كعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير يسألونه عن الحديث، لمعرفتهم ملازمة أبي هريرة للنبي محمد، فتمكّن أبو هريرة في تلك الفترة من استيعاب قدر كبير من أحاديث النبي محمد وأفعاله، ساعده على ذلك قُدرته الكبيرة على الحفظ. امتاز أبو هريرة في تلك الفترة بالجراءة على سؤال النبي محمد عن أشياء لا يسأله عنها غيره، وقد أوكل النبي محمد له بعض الأعمال كحفظ أموال زكاة رمضان، كما بعثه النبي محمد مؤذّنًا مع العلاء بن الحضرمي حين بعث النبي محمد العلاء واليًا على البحرين.

في عهد الخلفاء الراشدين
وبعد وفاة النبي محمد، شارك أبو هريرة في عهد أبي بكر الصديق في حروب الردة، كما شارك في الفتح الإسلامي لفارس في عهد عمر بن الخطاب، ثم استعمله عمر واليًا على البحرين، فقدم من ولايته عليها إلى المدينة بعشرة آلاف، فاتهمه عمر في تلك الأموال، فأنكر أبو هريرة اغتصابه لتلك الأموال، وقال له بأنها نتاج خيله، ومن تجارته في الغلال، وما تجمّع له من أُعطيات. فتقصّى عُمر الأمر، فتبيّن له صدق مقولة أبي هريرة. أراد عُمر بعدئذ أنه يُعيد أبي هريرة إلى ولايته على البحرين، فأبى أبو هريرة، وامتنع. بعد ولايته تلك، أقام أبو هريرة في المدينة المنورة يُحدّث طلاب الحديث، ويُفتي الناس في أمور دينهم، فقد روى زياد بن مينا أنه: «كان ابن عباس وابن عمر وأبو سعيد وأبو هريرة وجابر مع أشباه لهم، يُفتون بالمدينة، ويُحدّثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من لدن توفي عثمان إلى أن توفوا»، كذلك قال ابن حزم في كتاب «الإحكام في أصول الأحكام»: «المتوسطون فيما روي عنهم من الفتاوى عثمان، أبو هريرة، عبد الله بن عمرو بن العاص، أم سلمة، أنس، أبو سعيد، أبو موسى، عبد الله بن الزبير، سعد بن أبي وقاص، سلمان، جابر، معاذ، أبو بكر الصديق».

لم يكن أبو هريرة بمعزل عما يدور حوله من أحداث، فقد شارك أبو هريرة في مناصرة المدافعين عن عثمان بن عفان يوم الدار، وهو ما حفظه الأمويون لأبي هريرة. ورغم حُسن علاقته بالأمويين، إلا أنه عنّف مروان بن الحكم ولم يكن وقتها واليًا على المدينة المنورة لممانعته دفن الحسن بن علي بن أبي طالب مع جده النبي محمد، حيث قال له أبو هريرة: «تدخل فيما لا يعنيك ولكنك تريد رضا الغائب»، يعني أبو هريرة بذلك معاوية.

وفاته

مقبرة البقيع حيث دُفن أبو هريرة.
تعددت الروايات في تاريخ وفاة أبي هريرة، فقال هشام بن عروة أن أبا هريرة وعائشة توفيا سنة 57 هـ، وأيّد هذا التاريخ علي بن المديني ويحيى بن بكير وخليفة بن خياط، بينما قال الهيثم بن عدي بأنه توفي سنة 58 هـ، فيما قال الواقدي وأبو عبيد وأبو عمر الضرير أنه مات سنة 59 هـ، وزاد الواقدي أن عمره يومها كان 78 سنة، وأن أبا هريرة هو من صلى على عائشة في رمضان سنة 58 هـ، وعلى أم سلمة في شوال سنة 59 هـ، ثم توفي بعد ذلك في نفس السنة. كانت وفاة أبي هريرة في وادي العقيق، وحمل بعدها إلى المدينة، حيث صلى عليه الوليد بن عتبة أمير المدينة المنورة وقتئذ بعد صلاة العصر، وشيعه عبد الله بن عمر وأبو سعيد الخدري، ودُفن بالبقيع. وقد أوصى أبو هريرة حين حضره الموت، فقال: «إذا مت فلا تنوحوا عليّ، لا تضربوا عليّ فسطاطا، ولا تتبعوني بمجمرة، وأسرعوا بي». كما كانت له قبل وفاته دارًا في ذي الحليفة، تصدق بها على مواليه. وقد كتب الوليد بن عتبه إلى الخليفة معاوية بن أبي سفيان يُنبأه بموت أبي هريرة، فكتب معاوية إليه يأمره بأن يحصي ورثة أبي هريرة، وأن يمنحهم عشرة آلاف درهم، وأن يُحسن جوارهم.

لم يرد ذكر لأسرة أبي هريرة أكثر من أنه كانت له زوجة اسمها «بسرة بنت غزوان»، ومن الولد ابنه المحرر وهو ممن رووا عنه الحديث النبوي، وعبد الرحمن بن أبي هريرة، وبلال بن أبي هريرة؛ وابنة كانت زوجة للتابعي سعيد بن المسيب. أما صفة أبي هريرة الشكلية، فقد كان أبو هريرة رجلاً آدم، بعيد ما بين المنكبين، أفرق الثنيتين، ذا ضفيرتين، يميل إلى المُزاح، فقد رُوي أنه كان يرى الصبية يلعبون في الليل لعبة الغراب، فيتسلل بينهم، وهم لا يشعرون، حتى يلقي بنفسه بينهم، ويضرب برجليه الأرض، يريد بذلك أن يضحكهم، فيفزع الصبيان منه، ويفرون ههنا وههنا، يتضاحكون.

تبين لنا سيرة الإسلام ضراوة المعركة الدلئرة ببين الغسلام وخصومه الذين ركزوا على شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم لينالوا منه ومهاجمة الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه فإن التشكيك في واحد من أكثر رواة الحديث عن الرسول الكريم هو تشكيك بآلاف من احاديث الرسول صلى الله عليه وسلم.

للكاتب/المؤلف : منير عرفه .
دار النشر : .
سنة النشر : 2015م / 1436هـ .
عدد مرات التحميل : 7081 مرّة / مرات.
تم اضافته في : الأحد , 24 مارس 2019م.
حجم الكتاب عند التحميل : 731.9 كيلوبايت .

ولتسجيل ملاحظاتك ورأيك حول الكتاب يمكنك المشاركه في التعليقات من هنا:

أبو هُرَيْرَة عبد الرحمن بن صخر الدوسي (21 ق هـ/ 602 م - 59 هـ/679م،) صحابي محدث وفقيه وحافظ أسلم سنة 7 هـ، ولزم النبي محمداً، وحفظ الحديث عنه، حتى أصبح أكثر الصحابة روايةً وحفظًا للحديث النبوي. لسعة حفظ أبي هريرة، التفّ حوله العديد من الصحابة والتابعين من طلبة الحديث النبوي الذين قدّر البخاري عددهم بأنهم جاوزوا الثمانمائة ممن رووا عن أبي هريرة. كما يعد أبو هريرة واحدًا من أعلام قُرّاء الحجاز، حيث تلقّى القرآن عن النبي محمد، وعرضه على أبي بن كعب، وأخذ عنه عبد الرحمن بن هرمز. تولى أبو هريرة ولاية البحرين في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، كمل تولى إمارة المدينة من سنة 40 هـ حتى سنة 41 هـ. وبعدها لزم المدينة المنورة يُعلّم الناس الحديث النبوي، ويُفتيهم في أمور دينهم، حتى وفاته سنة 59 هـ.

اجتهد أبو هريرة في العبادة، فهذا حفيده نعيم بن المحرر بن أبي هريرة يقول بأن جده كان له خيط فيه ألفا عقدة، لا ينام حتى يسبح به، كما ذكر أبو عثمان النهدي أنه حلّ ضيفًا على أبي هريرة لسبعة أيام، فوجده وامرأته وخادمه يُقسّمون الليل ثلاثًا، يُصلّي أحدهم ثم يوقظ الآخر. وأثنى رجل من قبيلة تدعى الطفاوة على كرم أبي هريرة، فقال: «نزلت على أبي هريرة بالمدينة ستة أشهر، فلم أر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً أشد تشميرًا، ولا أقوم على ضيف، من أبي هريرة». وكان أبو هريرة دائم الإقرار بفضل ربه عليه، فقد رُوي أنه صلى بالناس يومًا، فلما سلّم، رفع صوته، فقال: «الحمد لله الذي جعل الدين قوامًا، وجعل أبا هريرة إمامًا؛ بعد أن كان أجيرًا لابنة غزوان على شبع بطنه، وحمولة رجله، فزوجنيها الله، فهي امرأتي».

إسلامه وهجرته للمدينة

نشأ أبو هريرة في مساكن قبيلته «دوس» الأزديّة بأرض اليمن يتيمًا، ولما بلغته دعوة الطفيل بن عمرو الدوسي إلى الإسلام أجاب الدعوة، وأسلم،

ثم هاجر في أول سنة 7 هـ، وهو ابن ثمان وعشرين سنة مع نفر من قومه من قبيلة دوس اليمانية، إلى المدينة المنورة وقت غزوة خيبر، ولكن اختُلف أأدرك القتال وشارك فيه، أم بلغ المدينة بعدما فرغوا من القتال،، قال ابن عبد البر: «أسلم أبو هريرة عام خيبر، وشهدها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم».

خدمة أبي هريرة للنبي محمد وأهل بيته
ومن وقت وصول أبي هريرة إلى المدينة، لزم المسجد النبوي في أهل الصفة الذين لم يكن لهم مأوى ولا أهل، ورد أنه أمضى أربع سنين في معيّة النبي محمد، وورد أنهم ثلاث، انقطع فيها عن الدنيا ليلازم النبي محمد، عاش فيها حياة المساكين، يدور معه في بيوت نسائه ويخدمه ويغزو معه ويحجّ، فشهد معه فتح مكة، وأصبح أعلم الناس بحديثه، فكان السابقون من الصحابة كعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير يسألونه عن الحديث، لمعرفتهم ملازمة أبي هريرة للنبي محمد، فتمكّن أبو هريرة في تلك الفترة من استيعاب قدر كبير من أحاديث النبي محمد وأفعاله، ساعده على ذلك قُدرته الكبيرة على الحفظ. امتاز أبو هريرة في تلك الفترة بالجراءة على سؤال النبي محمد عن أشياء لا يسأله عنها غيره، وقد أوكل النبي محمد له بعض الأعمال كحفظ أموال زكاة رمضان، كما بعثه النبي محمد مؤذّنًا مع العلاء بن الحضرمي حين بعث النبي محمد العلاء واليًا على البحرين.

في عهد الخلفاء الراشدين
وبعد وفاة النبي محمد، شارك أبو هريرة في عهد أبي بكر الصديق في حروب الردة، كما شارك في الفتح الإسلامي لفارس في عهد عمر بن الخطاب، ثم استعمله عمر واليًا على البحرين، فقدم من ولايته عليها إلى المدينة بعشرة آلاف، فاتهمه عمر في تلك الأموال، فأنكر أبو هريرة اغتصابه لتلك الأموال، وقال له بأنها نتاج خيله، ومن تجارته في الغلال، وما تجمّع له من أُعطيات. فتقصّى عُمر الأمر، فتبيّن له صدق مقولة أبي هريرة. أراد عُمر بعدئذ أنه يُعيد أبي هريرة إلى ولايته على البحرين، فأبى أبو هريرة، وامتنع. بعد ولايته تلك، أقام أبو هريرة في المدينة المنورة يُحدّث طلاب الحديث، ويُفتي الناس في أمور دينهم، فقد روى زياد بن مينا أنه: «كان ابن عباس وابن عمر وأبو سعيد وأبو هريرة وجابر مع أشباه لهم، يُفتون بالمدينة، ويُحدّثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من لدن توفي عثمان إلى أن توفوا»، كذلك قال ابن حزم في كتاب «الإحكام في أصول الأحكام»: «المتوسطون فيما روي عنهم من الفتاوى عثمان، أبو هريرة، عبد الله بن عمرو بن العاص، أم سلمة، أنس، أبو سعيد، أبو موسى، عبد الله بن الزبير، سعد بن أبي وقاص، سلمان، جابر، معاذ، أبو بكر الصديق».

لم يكن أبو هريرة بمعزل عما يدور حوله من أحداث، فقد شارك أبو هريرة في مناصرة المدافعين عن عثمان بن عفان يوم الدار، وهو ما حفظه الأمويون لأبي هريرة. ورغم حُسن علاقته بالأمويين، إلا أنه عنّف مروان بن الحكم ولم يكن وقتها واليًا على المدينة المنورة لممانعته دفن الحسن بن علي بن أبي طالب مع جده النبي محمد، حيث قال له أبو هريرة: «تدخل فيما لا يعنيك ولكنك تريد رضا الغائب»، يعني أبو هريرة بذلك معاوية.

وفاته

مقبرة البقيع حيث دُفن أبو هريرة.
تعددت الروايات في تاريخ وفاة أبي هريرة، فقال هشام بن عروة أن أبا هريرة وعائشة توفيا سنة 57 هـ، وأيّد هذا التاريخ علي بن المديني ويحيى بن بكير وخليفة بن خياط، بينما قال الهيثم بن عدي بأنه توفي سنة 58 هـ، فيما قال الواقدي وأبو عبيد وأبو عمر الضرير أنه مات سنة 59 هـ، وزاد الواقدي أن عمره يومها كان 78 سنة، وأن أبا هريرة هو من صلى على عائشة في رمضان سنة 58 هـ، وعلى أم سلمة في شوال سنة 59 هـ، ثم توفي بعد ذلك في نفس السنة. كانت وفاة أبي هريرة في وادي العقيق، وحمل بعدها إلى المدينة، حيث صلى عليه الوليد بن عتبة أمير المدينة المنورة وقتئذ بعد صلاة العصر، وشيعه عبد الله بن عمر وأبو سعيد الخدري، ودُفن بالبقيع. وقد أوصى أبو هريرة حين حضره الموت، فقال: «إذا مت فلا تنوحوا عليّ، لا تضربوا عليّ فسطاطا، ولا تتبعوني بمجمرة، وأسرعوا بي». كما كانت له قبل وفاته دارًا في ذي الحليفة، تصدق بها على مواليه. وقد كتب الوليد بن عتبه إلى الخليفة معاوية بن أبي سفيان يُنبأه بموت أبي هريرة، فكتب معاوية إليه يأمره بأن يحصي ورثة أبي هريرة، وأن يمنحهم عشرة آلاف درهم، وأن يُحسن جوارهم.

لم يرد ذكر لأسرة أبي هريرة أكثر من أنه كانت له زوجة اسمها «بسرة بنت غزوان»، ومن الولد ابنه المحرر وهو ممن رووا عنه الحديث النبوي، وعبد الرحمن بن أبي هريرة، وبلال بن أبي هريرة؛ وابنة كانت زوجة للتابعي سعيد بن المسيب. أما صفة أبي هريرة الشكلية، فقد كان أبو هريرة رجلاً آدم، بعيد ما بين المنكبين، أفرق الثنيتين، ذا ضفيرتين، يميل إلى المُزاح، فقد رُوي أنه كان يرى الصبية يلعبون في الليل لعبة الغراب، فيتسلل بينهم، وهم لا يشعرون، حتى يلقي بنفسه بينهم، ويضرب برجليه الأرض، يريد بذلك أن يضحكهم، فيفزع الصبيان منه، ويفرون ههنا وههنا، يتضاحكون.

تبين لنا سيرة الإسلام ضراوة المعركة الدلئرة ببين الغسلام وخصومه الذين ركزوا على شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم لينالوا منه ومهاجمة الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه فإن التشكيك في واحد من أكثر رواة الحديث عن الرسول الكريم هو تشكيك بآلاف من احاديث الرسول صلى الله عليه وسلم.

 

أبو هريرة وخمسون عامًا بعد وفاة الرسول

 شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم

احاديث الرسول صلى الله عليه وسلم

التراجم والاعلام 

التاريخ الاسلامي 



نوع الكتاب : pdf.
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل أبو هريرة وخمسون عامًا بعد وفاة الرسول
منير عرفه
منير عرفه
munir earfih
❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ أصحاب الأخدود - منير عرفة ❝ ❞ أبو هريرة وخمسون عامًا بعد وفاة الرسول ❝ ❞ ومع ذلك ..فقد أسلموا ! ❝ ❞ رجل بأمة ❝ ❞ وبالوالدين إحسانا .. ففيهما فجاهد ❝ ❞ على مفترق الطرق ❝ ❞ أبو لهب ❝ ❞ إبليس بين الكفر والإيمان ❝ ❞ دراسة نقدية ل الشيخ محمود عبد الرازق الرضوانى حول أسماء الله الحسنى ❝ ❱.



كتب اخرى في التراجم والأعلام

شيخ الإسلام ابن تيمية PDF

قراءة و تحميل كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية PDF مجانا

تهذيب مناقب الإمام أحمد بن حنبل لابن الجوزي PDF

قراءة و تحميل كتاب تهذيب مناقب الإمام أحمد بن حنبل لابن الجوزي PDF مجانا

السعي الحثيث في معرفة آل مغيث PDF

قراءة و تحميل كتاب السعي الحثيث في معرفة آل مغيث PDF مجانا

معالم الوسطية والتيسير والاعتدال في سيرة الشيخ فيصل بن عبد العزيز آل مبارك PDF

قراءة و تحميل كتاب معالم الوسطية والتيسير والاعتدال في سيرة الشيخ فيصل بن عبد العزيز آل مبارك PDF مجانا

علي الطنطاوي الكتب وهداية PDF

قراءة و تحميل كتاب علي الطنطاوي الكتب وهداية PDF مجانا

سلسلة بناء الشخصية الدعوية : القدوة الحسنة .. خالد بن الوليد رضي الله عنه PDF

قراءة و تحميل كتاب سلسلة بناء الشخصية الدعوية : القدوة الحسنة .. خالد بن الوليد رضي الله عنه PDF مجانا

سيرة سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ PDF

قراءة و تحميل كتاب سيرة سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ PDF مجانا

أبراج الزجاج في سيرة الحجاج PDF

قراءة و تحميل كتاب أبراج الزجاج في سيرة الحجاج PDF مجانا

المزيد من كتب علوم القرآن في مكتبة كتب علوم القرآن , المزيد من كتب إسلامية متنوعة في مكتبة كتب إسلامية متنوعة , المزيد من إسلامية متنوعة في مكتبة إسلامية متنوعة , المزيد من كتب الفقه العام في مكتبة كتب الفقه العام , المزيد من كتب التوحيد والعقيدة في مكتبة كتب التوحيد والعقيدة , المزيد من مؤلفات حول الحديث النبوي الشريف في مكتبة مؤلفات حول الحديث النبوي الشريف , المزيد من كتب أصول الفقه وقواعده في مكتبة كتب أصول الفقه وقواعده , المزيد من التراجم والأعلام في مكتبة التراجم والأعلام , المزيد من السنة النبوية الشريفة في مكتبة السنة النبوية الشريفة
عرض كل كتب إسلامية ..
اقرأ المزيد في مكتبة كتب إسلامية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تقنية المعلومات , اقرأ المزيد في مكتبة المناهج التعليمية والكتب الدراسية , اقرأ المزيد في مكتبة القصص والروايات والمجلّات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الهندسة والتكنولوجيا , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب والموسوعات العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تعلم اللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التنمية البشرية , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب التعليمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التاريخ , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأطفال قصص ومجلات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الطب , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب العلمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم سياسية وقانونية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأدب , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الروايات الأجنبية والعالمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب اللياقة البدنية والصحة العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأسرة والتربية الطبخ والديكور , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب الغير مصنّفة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب المعاجم واللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم عسكرية و قانون دولي
جميع مكتبات الكتب ..