من أبرز الكتب الجامعة في أحكام الإمامة وما يليق بها أو يطرأ عليها، كما أنه من أوائل ما كتب في هذا الباب، وقد قام المؤلف إمام الحرمين أبو المعالي الجويني، بتقسيم الكتاب إلى ركنين، يتكون الركن الأول من عدة أبواب، يحدثنا في الباب الأول عن معنى الإمامة ووجوب نصب الأئمة وقادة الأمة، والباب الثاني يفرده لتفصيل الجهات التي تعين الإمامة وتوجب الزعاة، والباب الثالث يخصصه للحديث عن صفات الذين هم أهل عقد الإمامة وتفصيل القول في عددهم، وذكر عدد من إليه الاختيار والعقد، ويناقش في الباب الرابع صفات الإمام القوام على أهل الإسلام، ويتبعه بالباب الخامس لتوضيح الطوارئ التي توجب الخلع، والباب السادس يتحدث فيه عن إمامة المفضول، والسابع تناول فيه منع نصب إمامين، والباب الثامن تطرق فيه لتفصيل ما إلى الأئمة والولاة وما عليهم، أما الركن الثاني فيخصصه المؤلف للحديث عن تصور انخرام الصفات المرعية جملة او تفصيلا، ومسألة استيلاء مستول مستظهر بطول شوكة وصول، ومسألة شغور الدهر جملة عن وال أو متول بتولية غيره.
قال الشيخ الأجل ، الإمام فخر الإسلام ، إمام الحرمين ، أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني - رحمة الله عليه - :
2 - الحمد لله القيوم الحي ، الذي بإرادته كل رشد وغي ، وبمشيئته كل نشر وطي . كل بيان في وصف جلاله حصر وعي ، وبين عيني كل قيصر وكي ، من قهر تسخيره وسم وكي ، ( فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء ) فالعقول عن عز جلاله معقولة ، ومعاقد العقود في نعت جماله محلولة ، ومطايا الواجدين مشكولة ، وقلوب العارفين على الدأب في [ ص: 4 ] الطلب مجبولة ، وأيدي المريدين إلى الأعناق مغلولة ، وأفئدة القانعين بملك الدارين معلولة ، وغاية الزاهدين العابدين مواعد مأمولة ، وفي عرصات الكبرياء ألسنة مسلولة ، ودماء الهلكى في الله مهدرة مطلولة ، وحدود المشمرين في غير ما قدر لهم مفلولة ، ونهاية المكاشفين حيرة محصولة ، فلا ينفع مع القدر المحتوم وسيلة ، ولا يدرأ القضاء الأزلي حيلة ، والأفهام دون حمى العزة مبهورة ، والأوهام مقهورة ، والفطن مزجورة ، والبصائر مدحورة ، والفكر عن مدرك الحق مقصورة ، وذكر اللسان أصوات وأجراس ، ومتضمن الخواطر وسواس ، والسكون عن الطلب تعطيل ، والركون إلى مطلوب مخيل تمثيل ، وبذل المهج في أدنى مسالك المريدين قليل ، وليس إلى درك [ ص: 5 ] حقيقة الحق سبيل ، ونار الله على أرواح المشتاقين موقدة ، ومدارك الوصول بأغلاق العز موصدة ، ومن قنع بالدعوى ضاع زمانه ، ومن تحقق في الإرادة طالت أحزانه ، ومن ضري بالكلام صدي جنانه ، ومن عرف الله كل لسانه ، جل جلاله ، وتقدست [ ص: 6 ] أسماؤه . استواؤه استيلاؤه ، ونزوله بره وحباؤه ، ومجيئه حكمه وقضاؤه ، ووجهه بقاؤه ، وتقريبه اصطفاؤه ، ومحبته آلاؤه ، وسخطه بلاؤه ، وبعده علاؤه ، العظمة إزاره ، والكبرياء رداؤه ، غرقت في نور سرمديته عقول العقلاء ، وبرقت في وصف صمديته علوم العلماء ، ولم يحصل منه أهل الأرض والسماء إلا على الصفات والأسماء ، فالخلق رسوم خالية ، وجسوم بالية ، والقدرة الأزلية لها والية ، جلت ساحة الربوبية ، وحمى العزة الديمومية ، عن وهم كل جني وإنسي ، ومناسبة عرش وكرسي ، فالشواهد دونها منطمسة ، والعلوم مندرسة ، والعقول مختلطة ملتبسة ، والألسنة معتقلة محتبسة ، فلا تحييث ولا [ ص: 7 ] تحييز ، ولا تحقيق ولا تمييز ، ولا تقدير ولا تجويز ، وليس إلا وجهه العزيز .
قراءة و تحميل كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب الجزء السابع والعشرون PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب حقيقة الدينار والدرهم والصاع والمد PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب ضرورة تعلم مسائل القدر والنهي عن الخوض فيه PDF مجانا