كتاب وفروا اللحى وأحفوا الشواربكتب إسلامية

كتاب وفروا اللحى وأحفوا الشوارب

وردَت أحاديثُ كثيرةٌ بتوفيرِ اللِّحى وإعفائِها، وحاصلُ مجموعِ رواياتِها خمسٌ: (أوفُوا)، و(أرخُوا)، و(أرجُوا)، و(وفِّروا)، و(أعفُوا)، ومعانيها كلُّها متقاربةٌ، ولم يرِدْ حديثٌ بلفظِ: (اترُكوا) ولا بلفظ (أكرِموا)، والرِّوايات هي: حديث عبد الله بن عمرَ رضي الله عنهما مرفوعًا: ((أحفُوا الشَّوارِبَ، وأوفُوا اللِّحَى)) رواه مسلم. حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: ((جزُّوا الشَّواربَ، وأرخُوا اللِّحَى)) رواه مسلم، وجاء بلفظ (أرجُوا) بالجيم. حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا: ((وفِّروا اللِّحَى، وأحفُوا الشوارِبَ)) رواه البخاري. حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا: ((أنهِكوا الشوارِبَ، وأعفُوا اللِّحَى)) رواه البخاري، ومسلم بلفظ: (أحفُوا الشوارِبَ). وهذه الألفاظ كلُّها تدلُّ على التركِ والتَّوفيرِ والتكثيرِ، وإليك تفصيلُ ذلك: (أوفُوا) من الإيفاءِ: وهو الإتمامُ وعدمُ النُّقصانِ، قال في تاج العروس: (أوفى الشيءُ، أي: تمَّ وكثُر)، وفي مقاييس اللغة: (وفي) كلمةٌ تدلُّ على إكمالٍ وإتمامٍ). (أرخُوا) من الإرخاءِ: وهو بمعنى الإطالةِ والسَّدلِ، ومنه: أرخى العِمامةَ: أطالَها، وأرخى السِّترَ: أسدَلَه. (انظر تاج العروس) (أرجُوا) أصلُها: أرجِئُوا، من الإرجاءِ: وهو التأخيرُ، فلمَّا قال: (أحفُوا الشوارِبَ) قال بعدها: (وأرجُوا اللِّحَى) أي: أخِّرُوها ولا تُحفُوها. (وفِّرُوا) من التوفيرِ: وهو الكثرةُ، قال ابن فارس في مقاييس اللغة: ( (وفر) كلمةٌ تدلُّ على كثرةٍ وتَمامٍ)، وفي القاموس المحيط: (وفَّرَه توفيرًا: كثَّرَه)، وفي لسان العرب: (وفَّرَه: كثَّره). (أعفُوا) الإعفاء أصلُ معناه في اللغةِ: التَّركُ، كما في تاج العروس وغيره، تقول: عفا اللهُ عنك، أي تركَ عقابَك، وعفوتُ عن فلانٍ، أي: تركتُه وحالَه ولم أعاقِبْه، ويأتي بمعنى التوفيرِ والكثرةِ؛ ففي لسان العرب: (عفا القومُ: كَثُروا، وفي التنزيل: {حَتَّى عَفَوْا} [الأعراف: 95] أي: كثُروا، وعفا النَّبتُ والشَّعرُ وغيره، يعفوُ، فهو عافٍ: كثُرَ وطال، وفي الحديثِ: أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم أمرَ بإعفاءِ اللِّحى، هو أن يوفَّرَ شعرُها ويُكَثَّر، ولا يُقَصَّ كالشَّوارب، مِن: عفا الشيءُ: إذا كثُرَ وزاد) ا.هـ، وقال القرطبي في (المفهم) (1/512) قال أبو عبيد: (يقال عفا الشَّيءُ: إذا كثُرَ وزاد). فأنت ترى أنَّ كلَّ الألفاظِ التي جاءت في الأحاديثِ تدُلُّ على الوفرةِ والكثرة، وبصيغةِ الأمرِ الدَّالِّ على الوجوبِ، وقد تأكَّد ذلك بفعلِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فإنَّه لم يصِحَّ عنه أنَّه أخذَ شيئًا من لِحيتِه، بل جاء في أحاديثَ كثيرةٍ في صِفتِه صلَّى الله عليه وآلِه وسلَّم أنَّه كان: (كَثَّ اللِّحيةِ) رواه البخاري ومسلم، و (كثيرَ شَعرِ اللِّحيةِ) رواه مسلم، كما ورد في صفة عددٍ من الصحابة رضي الله عنهم أنَّهم كانوا كثيري شَعرِ اللِّحيةِ، ولا يُعرَفُ عن أحدٍ من السلَفِ أنَّه حلقَ لِحيَتَه البتَّةَ؛ ولذلك اتفقَ الفُقَهاءُ على حرمةِ حَلقِها، ونقل غيرُ واحدٍ الإجماعَ على ذلك؛ منهم ابن حزم بقولِه: ((واتَّفَقوا أنَّ حَلقَ جميعِ اللِّحيةِ مُثْلةٌ لا تجوزُ)). ولم يعلِّقْ عليه ابنُ تيمية، انظر: (مراتب الإجماع) (ص120)، وانظر: ((الإقناع في مسائل الإجماع)) (2/ 299)، وقال الشيخ عبد العزيز بن باز في مجموع الفتاوى (3/373): ((حكمُ اللِّحيةِ في الجُملةِ فيه خِلافٌ بين أهلِ العِلمِ؛ هل يجِبُ توفيرُها أو يجوزُ قَصُّها, أمَّا الحَلقُ فلا أعلَمُ أحدًا من أهلِ العِلمِ قال بجوازِه)). أمَّا الأخذُ منها وتقصيرُها وتهذيبُها، فإن كان بحيثُ لا تكونُ وافرةً وكثيرةً وكَثَّةً، فلا يجوزُ؛ لظاهرِ النُّصوصِ السَّابقةِ التي تدُلُّ كلُّها على وجوبِ الإعفاءِ والتوفيرِ والإرخاءِ، وقد اختَلَفوا فيما لو أخذَ منها شيئًا مع بقائِها وافرةً كثيرةً، على قولين: الأول: عدمُ جوازِ أخذِ شَيءٍ منها، ودليلُهم الأمرُ بالإعفاءِ، وأخَذوا من معنى الإعفاءِ التَّرْك، وهو أحدُ مَعنَيَي الإعفاءِ، أمَّا بقيَّةُ ألفاظ الحديثِ فلا تدلُّ على عدمِ جوازِ أخذِ شَيءٍ منها. الثاني: جوازُ الأخذِ منها مع توفيرِها وإرخائِها، ودليلُهم أنَّ الإعفاءَ يأتي في اللغةِ بمعنى الكثرةِ كما تقدَّمَ، قالوا: فمَن ترَك لحيتَه وأعفاها حتى طالَت وكثُرَت، فقد حقَّقَ الإعفاءَ الواجِبَ، كما استدلُّوا بفِعلِ عدَدٍ من الصحابةِ- منهم: ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهم- بأخذِ ما زاد على القَبضةِ، ثم اختلفوا: هل كان هذا في نُسُكٍ أم لا؟ وهذا الاختلافُ لا يغيِّرُ في أصل الاستدلالِ؛ لأنَّه كما قال ابن عبد البَرِّ في (الاستذكار) (4/317): (( لو كان غيرَ جائزٍ ما جاز في الحَجِّ)). وسبَبُ اختلافِهم هو أنَّ ابنَ عُمَرَ رَضِيَ الله عنه راويَ حديثِ: (أعفُوا اللِّحَى) هو نفسُه كان يأخذُ مِن لحيتِه ما زاد على القبضةِ، فمن قال بعدمِ الجوازِ استدَلَّ بقاعدة: (العِبرةُ بروايةِ الرَّاوي لا برأيِه) ومن قال بالجوازِ استدلَّ بقاعدة: (الرَّاوي أدرى بما رَوى) وقال: لم يخالِف ابنُ عمَرَ رَضِيَ الله عنهما روايتَه، بل هذا معنى الإعفاءِ. وقد قال بجوازِ أخذ ما زاد على القبضةِ جمهورٌ مِن أهل العلم؛ منهم الإمام مالك، والإمام أحمد، وعطاء، وابن عبد البر، وابن تيمية، وغيرهم، وعندهم أنَّ ما زاد على القبضةِ تحقَّقَ فيه الإعفاءُ والتوفيرُ والإرخاءُ. قال أبو الوليد الباجي في (المنتقى شرح الموطأ) (4/367): ((روى ابن القاسم عن مالك: لا بأسَ أن يؤخَذَ ما تطايرَ من اللِّحيةِ وشَذَّ، قيل لمالك: فإذا طالت جدًّا؟ قال: أرى أن يؤخَذَ منها وتُقَصَّ، ورُوي عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم أنَّهما كانا يأخذانِ مِن اللِّحيةِ ما فضَل عن القبضةِ)).
محمد أحمد الشريف - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ وفروا اللحى وأحفوا الشوارب ❝ ❱
من كتب إسلامية متنوعة - مكتبة كتب إسلامية.

وصف الكتاب : وردَت أحاديثُ كثيرةٌ بتوفيرِ اللِّحى وإعفائِها، وحاصلُ مجموعِ رواياتِها خمسٌ: (أوفُوا)، و(أرخُوا)، و(أرجُوا)، و(وفِّروا)، و(أعفُوا)، ومعانيها كلُّها متقاربةٌ، ولم يرِدْ حديثٌ بلفظِ: (اترُكوا) ولا بلفظ (أكرِموا)، والرِّوايات هي:


حديث عبد الله بن عمرَ رضي الله عنهما مرفوعًا: ((أحفُوا الشَّوارِبَ، وأوفُوا اللِّحَى)) رواه مسلم.
حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: ((جزُّوا الشَّواربَ، وأرخُوا اللِّحَى)) رواه مسلم، وجاء بلفظ (أرجُوا) بالجيم.
حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا: ((وفِّروا اللِّحَى، وأحفُوا الشوارِبَ)) رواه البخاري.
حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا: ((أنهِكوا الشوارِبَ، وأعفُوا اللِّحَى)) رواه البخاري، ومسلم بلفظ: (أحفُوا الشوارِبَ).

وهذه الألفاظ كلُّها تدلُّ على التركِ والتَّوفيرِ والتكثيرِ، وإليك تفصيلُ ذلك:

(أوفُوا) من الإيفاءِ: وهو الإتمامُ وعدمُ النُّقصانِ، قال في تاج العروس: (أوفى الشيءُ، أي: تمَّ وكثُر)، وفي مقاييس اللغة: (وفي) كلمةٌ تدلُّ على إكمالٍ وإتمامٍ).

(أرخُوا) من الإرخاءِ: وهو بمعنى الإطالةِ والسَّدلِ، ومنه: أرخى العِمامةَ: أطالَها، وأرخى السِّترَ: أسدَلَه. (انظر تاج العروس)

(أرجُوا) أصلُها: أرجِئُوا، من الإرجاءِ: وهو التأخيرُ، فلمَّا قال: (أحفُوا الشوارِبَ) قال بعدها: (وأرجُوا اللِّحَى) أي: أخِّرُوها ولا تُحفُوها.

(وفِّرُوا) من التوفيرِ: وهو الكثرةُ، قال ابن فارس في مقاييس اللغة: ( (وفر) كلمةٌ تدلُّ على كثرةٍ وتَمامٍ)، وفي القاموس المحيط: (وفَّرَه توفيرًا: كثَّرَه)، وفي لسان العرب: (وفَّرَه: كثَّره).

(أعفُوا) الإعفاء أصلُ معناه في اللغةِ: التَّركُ، كما في تاج العروس وغيره، تقول: عفا اللهُ عنك، أي تركَ عقابَك، وعفوتُ عن فلانٍ، أي: تركتُه وحالَه ولم أعاقِبْه، ويأتي بمعنى التوفيرِ والكثرةِ؛ ففي لسان العرب: (عفا القومُ: كَثُروا، وفي التنزيل: {حَتَّى عَفَوْا} [الأعراف: 95] أي: كثُروا، وعفا النَّبتُ والشَّعرُ وغيره، يعفوُ، فهو عافٍ: كثُرَ وطال، وفي الحديثِ: أنَّه صلَّى الله عليه وسلَّم أمرَ بإعفاءِ اللِّحى، هو أن يوفَّرَ شعرُها ويُكَثَّر، ولا يُقَصَّ كالشَّوارب، مِن: عفا الشيءُ: إذا كثُرَ وزاد) ا.هـ، وقال القرطبي في (المفهم) (1/512) قال أبو عبيد: (يقال عفا الشَّيءُ: إذا كثُرَ وزاد).

فأنت ترى أنَّ كلَّ الألفاظِ التي جاءت في الأحاديثِ تدُلُّ على الوفرةِ والكثرة، وبصيغةِ الأمرِ الدَّالِّ على الوجوبِ، وقد تأكَّد ذلك بفعلِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ فإنَّه لم يصِحَّ عنه أنَّه أخذَ شيئًا من لِحيتِه، بل جاء في أحاديثَ كثيرةٍ في صِفتِه صلَّى الله عليه وآلِه وسلَّم أنَّه كان: (كَثَّ اللِّحيةِ) رواه البخاري ومسلم، و (كثيرَ شَعرِ اللِّحيةِ) رواه مسلم، كما ورد في صفة عددٍ من الصحابة رضي الله عنهم أنَّهم كانوا كثيري شَعرِ اللِّحيةِ، ولا يُعرَفُ عن أحدٍ من السلَفِ أنَّه حلقَ لِحيَتَه البتَّةَ؛ ولذلك اتفقَ الفُقَهاءُ على حرمةِ حَلقِها، ونقل غيرُ واحدٍ الإجماعَ على ذلك؛ منهم ابن حزم بقولِه: ((واتَّفَقوا أنَّ حَلقَ جميعِ اللِّحيةِ مُثْلةٌ لا تجوزُ)). ولم يعلِّقْ عليه ابنُ تيمية، انظر: (مراتب الإجماع) (ص120)، وانظر: ((الإقناع في مسائل الإجماع)) (2/ 299)، وقال الشيخ عبد العزيز بن باز في مجموع الفتاوى (3/373): ((حكمُ اللِّحيةِ في الجُملةِ فيه خِلافٌ بين أهلِ العِلمِ؛ هل يجِبُ توفيرُها أو يجوزُ قَصُّها, أمَّا الحَلقُ فلا أعلَمُ أحدًا من أهلِ العِلمِ قال بجوازِه)).


أمَّا الأخذُ منها وتقصيرُها وتهذيبُها، فإن كان بحيثُ لا تكونُ وافرةً وكثيرةً وكَثَّةً، فلا يجوزُ؛ لظاهرِ النُّصوصِ السَّابقةِ التي تدُلُّ كلُّها على وجوبِ الإعفاءِ والتوفيرِ والإرخاءِ، وقد اختَلَفوا فيما لو أخذَ منها شيئًا مع بقائِها وافرةً كثيرةً، على قولين:


الأول: عدمُ جوازِ أخذِ شَيءٍ منها، ودليلُهم الأمرُ بالإعفاءِ، وأخَذوا من معنى الإعفاءِ التَّرْك، وهو أحدُ مَعنَيَي الإعفاءِ، أمَّا بقيَّةُ ألفاظ الحديثِ فلا تدلُّ على عدمِ جوازِ أخذِ شَيءٍ منها.

الثاني: جوازُ الأخذِ منها مع توفيرِها وإرخائِها، ودليلُهم أنَّ الإعفاءَ يأتي في اللغةِ بمعنى الكثرةِ كما تقدَّمَ، قالوا: فمَن ترَك لحيتَه وأعفاها حتى طالَت وكثُرَت، فقد حقَّقَ الإعفاءَ الواجِبَ، كما استدلُّوا بفِعلِ عدَدٍ من الصحابةِ- منهم: ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهم- بأخذِ ما زاد على القَبضةِ، ثم اختلفوا: هل كان هذا في نُسُكٍ أم لا؟ وهذا الاختلافُ لا يغيِّرُ في أصل الاستدلالِ؛ لأنَّه كما قال ابن عبد البَرِّ في (الاستذكار) (4/317): (( لو كان غيرَ جائزٍ ما جاز في الحَجِّ)).

وسبَبُ اختلافِهم هو أنَّ ابنَ عُمَرَ رَضِيَ الله عنه راويَ حديثِ: (أعفُوا اللِّحَى) هو نفسُه كان يأخذُ مِن لحيتِه ما زاد على القبضةِ، فمن قال بعدمِ الجوازِ استدَلَّ بقاعدة: (العِبرةُ بروايةِ الرَّاوي لا برأيِه) ومن قال بالجوازِ استدلَّ بقاعدة: (الرَّاوي أدرى بما رَوى) وقال: لم يخالِف ابنُ عمَرَ رَضِيَ الله عنهما روايتَه، بل هذا معنى الإعفاءِ.


وقد قال بجوازِ أخذ ما زاد على القبضةِ جمهورٌ مِن أهل العلم؛ منهم الإمام مالك، والإمام أحمد، وعطاء، وابن عبد البر، وابن تيمية، وغيرهم، وعندهم أنَّ ما زاد على القبضةِ تحقَّقَ فيه الإعفاءُ والتوفيرُ والإرخاءُ.


قال أبو الوليد الباجي في (المنتقى شرح الموطأ) (4/367): ((روى ابن القاسم عن مالك: لا بأسَ أن يؤخَذَ ما تطايرَ من اللِّحيةِ وشَذَّ، قيل لمالك: فإذا طالت جدًّا؟ قال: أرى أن يؤخَذَ منها وتُقَصَّ، ورُوي عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم أنَّهما كانا يأخذانِ مِن اللِّحيةِ ما فضَل عن القبضةِ)).


للكاتب/المؤلف : محمد أحمد الشريف .
دار النشر : .
عدد مرات التحميل : 6172 مرّة / مرات.
تم اضافته في : الإثنين , 25 مارس 2019م.
حجم الكتاب عند التحميل : 114.7 كيلوبايت .

ولتسجيل ملاحظاتك ورأيك حول الكتاب يمكنك المشاركه في التعليقات من هنا:

عن ناّفع عن ابن عمر رضي اهلل عنهما عن النيب صّلى اهلل عّليه وسّلم قال: "خالفوا
املّشركني وّفِروا الّلحى وأحفوا الّشوارب" ويف رواية عبيد اهلل بن عمر ابن ناّفع عن ابن
عمر رضي اهلل عنهما قال: قال رسول اهلل صّلى اهلل عّليه وسّلم: "اهنكوا الّشوارب
وأعفوا الّلحى"

، وعن أيب هريرة رضي اهلل عنه قال: قال رسول اهلل صّلى اهلل عّليه

وسّلم: "جزوا الّشوارب وأرخوا الّلحى خالفوا اجملوس"

، وعنه رضي اهلل عنه عن رسول
اهلل صّلى اهلل عّليه وسّلم قال: "الفطرة مخس: االختتان واالستحداد وقص الّشارب
وتقّليم األظاّفر ونتف اإلبط"

، وعن ابن عمر رضي اهلل عنهما عن النيب صّلى اهلل عّليه

وسّلم قال: "من الفطرة قص الّشارب"
.

اإلسالم هو دين اهلل الذي ارتضاه للعاملني، وعليه فطر اخللق مجيعا، قال تعاىل: }ّفَأَقِمْ
وَجْهَكَ لِّلدِينِ حَنِيفاً ّفِطْرَتَ الّلَهِ الَتِي ّفَطَرَ النَاسَ عَّلَيْهَا ال تَبْدِيلَ لِخَّلْقِ الّلَهِ ذَلِكَ الدِينُ
الْقَيِمُ وَلَكِنَ أَكْثَرَ النَاسِ ال يَعّْلَمُونَ{، )الروم/03 )واملعىن واهلل أعلم أن هذا الدين القيم إمنا
هو دين يتفق مع الفطرة متاماً، ولو أن كل إنسان تُرك من وقت والدته وما يؤديه إليه نظره
ألداه إىل دين احلق بتوحيده وشعائره.
وقد فطر اهلل الناس قابلني للحق متهيئني إلدراكه مائلني منساقني إليه، إذا خلوا
وأنفسهم، بعيدين عن الوساوس الشيطانية واألهواء البشرية، ومن هذه األمور اليت فطر
الناس عليها قص الشارب وإعفاء اللحية، والسواك واستنشاق املاء، وقص األظافر، وغسل
الرباجم، ونتف اإلبط، وحلق العانة، وانتقاص املاء، واملضمضة.. هذه األمور مالئمة لفطرة

1 البخاري ج 4 ص 72.
7 مسلم ج 0 ص 142.
0 البخاري ج 4 ص 72 ،مسلم ج 0 ص 142.
4 البخاري ج 4 ص 03.

 

اإلنسان مُالَءَمَةً تامة. ولقد أكد الشارع أمرها فحث عليها ليذكر الناس بأصل فطرهتم
وليكونوا على أحسن الصفات وأكمل اهليئات: قال شيخ اإلسالم ابن حجر: ويتعلق هبذه
اخلصال مصاحل دينية ودنيوية تدرك بالتتبع منها: حتسني اهليئة، وتنظيف البدن مجلة وتفصيال،
واالحتياط للطهارتني، واإلحسان إىل املخالط واملقارن بكف ما يتأدى به من رائحة كريهة،
وخمالفة شعار الكفار من اجملوس واليهود والنصارى وعباد األوثان، وامتثال أمر الشارع
واحملافظة على ما أشار إليه قوله تعاىل }وَصَوَرَكُمْ ّفَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ{ ملا يف احملافظة على هذه
اخلصال من مناسبة ذلك، وكأنه قيل قد حَسَنتُ صوركم فال تشوهوها مبا يقبحها أو
حافظوا على ما يستمر به حسنها، ويف احملافظة عليها حمافظة على املروءة والتأليف املطلوب،
ألن اإلنسان إذا بدا يف اهليئة اجلميلة كان أدعى إىل انبساط النفس إليه، فيقبل قوله، وحيمد
1 رأيه والعكس وبالعكس اهـ

ولقد أغوى الشيطان الكثري من الناس وأضلهم عن فطرهتم
وصرفهم عما جبلوا عليه، وزين هلم ما مل يكن من شأهنم وهيأ هلم أن حسن اهليئة وزينتها
يف تغيري هذه الفطرة ورفضها، وسار على ذلك املشركون، وتبعهم عليه نفر من املسلمني.
فتركوا شوارهبم مل يقصوها، وأهنكوا حلاهم، وأعرضوا عن االختتان، وتركوا شعور العانة
واإلبط، وأطالوا أظافرهم، وتركوا االستنشاق باملاء، واملضمضة، واالستنجاء باملاء، وتركوا
الرباجم، وأعرضوا عن السواك الذي هو مطهرة للفم ومرضاة للرب، واتبعوا يف ذلك أهواء
الذين ال يعلمون قال تعاىل }اتَبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِكُمْ وَال تَتَبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ
قَّلِيالً مَا تَذَكَرُونَ{ )األعراف/0 ،)وسأقصر البحث هنا على أمر الشارب واللحية واهلل
املستعان وعليه التكالن.
والشارب هو الشعر النابت على الشفة العليا للفم، قال يف املصباح: هو الشعر الذي
يسيل على الفم ويثنَى باعتبار الطرفني اهـ. وقد جيمع وهو من الواحد الذي فرق، ويسمى
كل جزء منه بامسه فقالوا لكل جانب منه شاربا، مث مجع على شوارب، وأما طرفا الشارب
ومها السباالن فقيل مها من الشارب ويشرع قصهما وقيل مها من اللحية. ومجهور العلماء
على أن قصه أو إحفاءه سنة، وأمره صلى اهلل عليه وسلم بذلك حممول على الندب بقرينة أن

1 فتح الباري ج 13 ص 737.

 

األمر بذلك للنظافة وحتسني اهليئة، والنفس متيل إىل ذلك وتدعو إليه، فلم حتتج إىل أمر
إجياب. والندب كاف يف ذلك. وذهب بعض احلنفية وابن حزم والقاضي أبو بكر بن العريب
إىل وجوب أخذ الشارب ألمره صلى اهلل عليه وسلم بذلك وألن يف تركه تشويها للصورة
اآلدمية كما أن أخذه من الفطرة، والفطرة هي الدين وإذا أضيف قصه إىل الدين، فالظاهر
أنه جزء من فرائض الدين ال من سننه وقد أمر إبراهيم عليه السالم خبصال الفطرة، وأمرنا
باتباعه، وأمرُ اهلل جيب العمل به.. وقص الشارب من خصال الفطرة فهو واجب. والظاهر
مع اجلمهور فهو سنة األنبياء مجيعاً، والقصد به النظافة وحتسني اهليئة واتباع إبراهيم عليه
السالم واجب. فإن كان األمر واجباً عليه أو مندوباً كان حكم التابع كذلك وال نعلم أن
ذلك كان واجباً عليه فبقي األمر على الندب.

 

 

 : رسالة في بيان حكم إعفاء اللحية، وتعريف الشارب وصفة الأخذ منه، وتعريف اللحية وما يكره فيها.



نوع الكتاب : pdf.
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل وفروا اللحى وأحفوا الشوارب
محمد أحمد الشريف
محمد أحمد الشريف
Mohamed Ahmed El Sherif
❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ وفروا اللحى وأحفوا الشوارب ❝ ❱.



كتب اخرى في كتب إسلامية متنوعة

إهابة PDF

قراءة و تحميل كتاب إهابة PDF مجانا

بيان ما تشرع زيارته وما لا تشرع زيارته من مساجد المدينة النبوية PDF

قراءة و تحميل كتاب بيان ما تشرع زيارته وما لا تشرع زيارته من مساجد المدينة النبوية PDF مجانا

منتقى الآداب من تفسير السعدي PDF

قراءة و تحميل كتاب منتقى الآداب من تفسير السعدي PDF مجانا

الله المكلِّف الواحد الأحد PDF

قراءة و تحميل كتاب الله المكلِّف الواحد الأحد PDF مجانا

من أقضية القرآن الكريم وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث PDF

قراءة و تحميل كتاب من أقضية القرآن الكريم وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث PDF مجانا

اجعلها الأخيرة PDF

قراءة و تحميل كتاب اجعلها الأخيرة PDF مجانا

مخاطر البلوتوث PDF

قراءة و تحميل كتاب مخاطر البلوتوث PDF مجانا

بداية كاتبة PDF

قراءة و تحميل كتاب بداية كاتبة PDF مجانا

المزيد من كتب علوم القرآن في مكتبة كتب علوم القرآن , المزيد من كتب إسلامية متنوعة في مكتبة كتب إسلامية متنوعة , المزيد من إسلامية متنوعة في مكتبة إسلامية متنوعة , المزيد من كتب الفقه العام في مكتبة كتب الفقه العام , المزيد من كتب التوحيد والعقيدة في مكتبة كتب التوحيد والعقيدة , المزيد من مؤلفات حول الحديث النبوي الشريف في مكتبة مؤلفات حول الحديث النبوي الشريف , المزيد من كتب أصول الفقه وقواعده في مكتبة كتب أصول الفقه وقواعده , المزيد من التراجم والأعلام في مكتبة التراجم والأعلام , المزيد من السنة النبوية الشريفة في مكتبة السنة النبوية الشريفة
عرض كل كتب إسلامية ..
اقرأ المزيد في مكتبة كتب إسلامية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تقنية المعلومات , اقرأ المزيد في مكتبة المناهج التعليمية والكتب الدراسية , اقرأ المزيد في مكتبة القصص والروايات والمجلّات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الهندسة والتكنولوجيا , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب والموسوعات العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تعلم اللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التنمية البشرية , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب التعليمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التاريخ , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأطفال قصص ومجلات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الطب , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب العلمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم سياسية وقانونية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأدب , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الروايات الأجنبية والعالمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب اللياقة البدنية والصحة العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأسرة والتربية الطبخ والديكور , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب الغير مصنّفة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب المعاجم واللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم عسكرية و قانون دولي
جميع مكتبات الكتب ..