يقع الكتاب في ثلاثة أبواب إلى آخر الكلام، فالأسلوب خلاص هذا أسلوب عتيق يعني ما عاد أحد يتكلم به، يعني هو زعلان جدًا يقول كيف الناس حزنت لموت ابن تيمية؟ ينقل يقول أما أتباع ابن تيمية وتلامذته، فلا أدري أي يعلمون ما يقول ابن تيمية؟ أم يسيرون وراءه كالغوغاء؟ أم أنه اتبعوا ابن تيمية في عدم حزنه على رسول الله .
ثم حزنوا على ابن تيمية أشد الحزن، يعني ابن تيمية لم يحزن لوفاة النبي ، كلام ما أحد يرد عليه، يقول اقرأ معي ما قالوه في رثاء ابن تيمية واحكم، جاء في العقود الدرية لابن عبد الهادي من مرثية يرثي فيها ابن تيمية: ومجاور قبر الإمام مؤملًا يا رب وارحمنا، وكل مشيع، صلي عَلَيْهِ أَو أَتَاهُ مُقبلا، من كَانَ مَسْرُورا بِهِ وبعلمه، من بعده فالحزن أضحك عَاجلا.
وفي مرثيات أخرى لأحد أصحاب ابن تيمية: إمام أبكته أرضه وسماؤه بكاء حزين حزنه متتابع، وما لهما لا يبكيان لفقد من عن الله لم يقطعه في الكون قاطع، ومن قصيدة لرجل يدعى بدر الدين المغيثي في نفس الكتاب، وتزلزلت كل الْقُلُوب لفقده، وتواترت من بعده الآلام، ولمؤمنين الْجِنّ حزن شَامِل، ونياحه نطقت بهَا الأحلام.
ونقل أيضًا عن رجل يدعى عبد الله بن حامد قوله على شيخ الإسلام: وَلَا تخيلته قطّ فِي نَفسِي وَلَا تمثلته فِي قلبِي إِلَّا ويتجدد لي حزن قديمه كَأَنَّهُ محدثه، قلت لا أدري هل يحزن هؤلاء الغوغاء؟ أم نحزن على ابن تيمية أم نحزن على الشباب الذي يضع كل يوم، إن لله وإن إليه راجعون.
يعني الشباب الذي يعجب بابن تيمية يترحم عليه بهذه الطريقة، كل الموضوع هذا بنيه على ادعاء ابن تيمية لم يحزن على وفاة النبي ، شيء عجيب جدًا يعني، مع أن الرسول قال: «ليعزي المؤمنين في مصائبهم المصيبة بي»، لأنها أعظم مصيبة وقعت لأهل الإسلام هي وفاة النبي .
الحقيقة تضيع الوقت مع مثل هذا الكتاب كتاب هزيل جدًا جدًا يعني لا يوجد فيه أي ملمح من ملامح البحث العلمي، لكننا مع ذلك نركز من جديد على ما أجملنا الأسبوع الماضي، بعد ما وقفت على هذا الكتاب القيم في الحقيقة، ربما يحتاج لأكثر طبعًا لأكثر من مرة نتكلم فيه، وهو موقف ابن تيمية من آل البيت، وبالذات من أمير المؤمنين موضوع يندرج في ضمن سلسة رجل لكل العصور التي كنا شرعنا فيها من قبل.
يقول الشيخ سليمان بن صالح الخرشي: لم يزل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، منذ أن جهر بدعوة الحق يتلقى التهم والافتراءات التي يلفقها عليه خصومه في حياته وبعد مماته. وهذه التهم والافتراءات يوصي بها سلف المبتدعة إلي خلفهم، ويوحون بها إلي أوليائهم، لتكون سلاحاً بيدهم أمام دعوة الشيخ التي غشَّت بنورها أبصارهم الكليلة.
فهم قد اتهموا الشيخ رحمه الله بتهم كثيرة تفوق الحصر، منها ما هو مكذوب من أصله، ومنها ما هو مساء فهمه، فقيل في الشيخ مثلا إنه يقول بقدم العالم، وأنه مجسم، وأنه مشبه، وأنه يبغض الرسول ويمنع من زيارته، وأنه يفتي في مسائل شنيعة لم يقل بها أحد قبله، وأنه، وأنه في تهم عديدة يحسن بشيخ الإسلام أن يمثل أمامها بقول أبي الطيب: رماني الدهر بالأرزاء حتى فؤادي في غشاء من نبال، فصرت إذا أصابتني سهام، تكسرت النصال على النصال، وهان فما أبالي بالرزايا لأني ما انتفعت بأن أبالي.
من كثرة السهام التي تصوب عليه صار قلبه كأنه محاط بغشاء من النبال، والسهام التي رميت على قلبه، فصرت إذا أصابتني سهام، تكسرت النصال على النصال، لأن الأصل في النصال المزحومة على قلبه فكلما أتاه سهم آخر يتكسر من شدة النصال التي هي مغروزة في قلبه، فالحل أنه لا يبالي ماذا يفعل؟
يقول: رماني الدهر بالأرزاء أي بالمصائب، حتى فؤادي في غشاء من نبال، فصرت إذا أصابتني سهام، تكسرت النصال على النصال، وهان فما أبالي بالرزايا، لأني ما انتفعت بأن أبالي، يقول الشيخ سليمان بن صالح: قلت: ولكن الله تعالى يقول {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} [الحج:38].